اغناتيوس كشفها في "الواشنطن بوست"

"النهار":

كشف المعلق في صحيفة "الواشنطن بوست" ديفيد اغناتيوس مدى التنسيق الفرنسي – الاميركي وعمقه في شأن لبنان وسوريا وايران، من خلال قناة الاتصال شبه السرية التي تربط بين مستشار الامن القومي الاميركي ستيفن هادلي، ومستشار الرئيس الفرنسي جاك شيراك للشؤون الخارجية موريس غوردو مونتاني. وقد بدأ عمل هذه القناة في آب 2004 بسلسلة زيارات دورية كان يقوم بها مونتاني كل 5 او 6 اسابيع لواشنطن للاجتماع مع هادلي من اجل تنسيق المواقف حيال هذه الدول وغيرها، بما فيها تطبيق القرار 1559.

واشار الى ان تحركات سوريا في لبنان للرد على هذا التنسيق الفرنسي – الاميركي ادت الى سلسلة اجراءات بينها التمديد للرئيس اميل لحود والضغط على الرئيس رفيق الحريري وصولا الى اغتياله.

واضاف ان هذه القناة تعكس التغيير الكبير الذي طرأ على العلاقات الاميركية – الفرنسية منذ الخلاف العميق بين البلدين على غزو العراق، وميل واشنطن اخيرا الى ادارة سياستها الخارجية بالتعاون مع الحلفاء او حتى الامم المتحدة.

وكشف استنادا الى مصادر فرنسية، ان المستشار مونتاني قام بزيارة سرية لدمشق في تشرين الثاني 2003 للاجتماع بالرئيس بشار الاسد خلال الفترة التي كان التوتر سائداً فيها بين باريس وواشنطن. واضاف ان مونتاني ابلغ الاسد رسالة من شيراك والمستشار الالماني آنذاك غيرهارد شرودور والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وجاء في الرسالة للاسد: "لقد غيّرت الحرب في العراق اشياء كثيرة في المنطقة، وعليك ان تبين انك انت قد تغيرت ايضا، اي عليك ان تقوم بمبادرة مثل زيارة القدس او اتخاذ اي مبادرة شجاعة حيال اسرائيل". واضاف اغناتيوس ان الفرنسيين ربما ارادوا تحسين وضعهم مع اميركا من خلال العمل كوسطاء للسلام، ولكن الاسد لم يأخذ الامر كذلك، وسأل مونتاني: "هل انت ناطق باسم الاميركيين".

وقال اغناتيوس ان الاسد الذي شعر بالقلق من احتمال انضمام فرنسا والمانيا وروسيا الى حملة الضغط الاميركية ضد سوريا، بدأ فور ذلك "بتعزيز سيطرته على لبنان، وارغم (مجلس النواب اللبناني) على التمديد للرئيس اللبناني المطواع في موالاته لسوريا، وبدأ الضغط على خصم سوريا رئيس الوزراء رفيق الحريري. وانتهت هذه العملية باغتيال الحريري في شباط 2005".

واشار الى ان زيارات مونتاني غير المعلنة لواشنطن بدأت في آب 2004 لتنسيق المواقف التي أدت الى القرار 1559 الذي دعا سوريا الى سحب قواتها العسكرية من لبنان. وبعد اغتيال الحريري تعاونت فرنسا واميركا لارغام سوريا على الانسحاب وفقا للقرار 1559، واضاف: "من أجل منع حزب الله الميليشيا الشيعية من خلق مشاكل قال غوردو مونتاني للايرانيين خلال زيارة سرية لطهران في شباط 2005 ان ينصحوا لحزب الله باعتماد السلوك الحسن".

وتحدث عن وجود نوع من توزيع الادوار بين الفرنسيين الذين يلعبون دور الشرطي الصالح، والاميركيين الذين يلعبون دور الشرطي السيئ. فالاميركيون يطالبون بصيغ قوية في الامم المتحدة، ثم يعمل الفرنسيون على اقناع الروس والصينيين بقبول صيغ اقل تشددا، ويصفها بأنها رقصة كلاسيكية نتجت عنها قرارات اقوى وأفضل مما كان الوضع لو تحرك كل لاعب بمفرده. وفي هذا السياق اشار اغناتيوس الى قرار احالة الملف النووي الايراني على مجلس الامن واعطاء ايران، كما اقترحت فرنسا، شهرا كاملا للامتثال لتعهداتها لوكالة الطاقة النووية الدولية قبل التقدم بأي توصيات رسمية في ما يتعلق بالعقوبات كما كانت ترغب واشنطن. وأنهى أغناتيوس مقاله قائلا ان هذه الشراكة الهادئة بين باريس وواشنطن قد استفادت من الانطباع السائد في العالم باستمرار العداء بين فرنسا واميركا.