رأت صحيفة " هآرتس" في افتتاحيتها أمس أن الموقف الغربي المتشدد من "حماس" يشكل جزءاً لا يتجزأ من مواجهته مع الإسلام الأصولي. ننقل ما جاء فيها:"الكاريكاتور الذي نشرته الهيرالد تريبيون في أعقاب فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية يصور ثلاثة اشخاص يمثلون فتح وحماس واسرائيل، القاسم المشترك بينهم الاضطراب الشديد الذي حل بهم. وبالاستناد الى التقارير الإخبارية يمكننا بسهولة اضافة شخصية رابعة الى الرسم الكاريكاتوري للمجتمع الدولي.

ولكن لا يمكننا الا ان نعجب بالموقف الصارم والمهم الذي وقفه المجتمع الدولي. الولايات المتحدة وأوروبا واللجنة الرباعية (التي تضم أيضاً الأمم المتحدة وروسيا) امتنعت حتى الآن من الإغلاق الفوري لحنفية المساعدة للفلسطينيين، ولكن الاتحاد الأوروبي واللجنة الرباعية على حد سواء أوضحا ان استمرار المساعدة رهن بأعضاء الحكومة الفلسطينية الجديدة والتقيد بالشروط التالية: التنكر للإرهاب وتسليم السلاح، الاعتراف باسرائيل والإلتزامات الدولية التي وافقت عليها السلطة الفلسطينية بما في ذلك خريطة الطريق.

منذ 11 أيلول تغير التعامل مع الإرهاب الإسلامي الذي تحول من مشكلة محدودة –اقليمية الى مشكلة عامة للوجود البشري. هذه اللهجة الحاسمة للمجتمع الدولي عبرت عنها بطريقة واضحة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عندما رفضت الإجتماع مع ممثلي حماس في المناطق.

ورغم ذلك يمكننا ان نلاحظ الفوارق والإختلافات بين الأميركيين الذين يرغبون في اظهار عصا العقوبات، والأوروبيين الذين يفضلون جزرة المساعدات. وثمة أساس للإفتراض ان ادارة جورج بوش، التي قادت مشروع الديموقراطية في الشرق الأوسط ، ستنتهج على المدى البعيد خطاً متشدداً يهدد حماس في حين سيفضل الأوروبيون والأمم المتحدة التريث لرؤية ما ستسفر عنه الأحداث.

يحاول سفراء أوروبا في اسرائيل في أحاديثهم الخاصة الإشارة الى احتمال تغيير مستقبلي في سياستهم: ويذكّرون أن منظمة التحرير الفلسطينية كانت تعتبر في الماضي تنظيماً ارهابياًشعارها تدمير اسرائيل. وهم يستخدمون ذريعة الفرق بين حركات التحرر الوطني وبين الحركات الأصولية ليقولوا ان زمن المقاطعة انتهى، فأوروبا اليوم تتحاور مع ايران وحتى مع كوريا الشمالية. وفي رأيهم ان وقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية سيلحق الضرر بالمدنيين من الفلسطينيين و بالمصالح الإسرائيلية الإقليمية. ويمكننا الإفتراض أنه قبل تشكيل حكومة فلسطينية وقبل اجراء الإنتخابات وتشكيل حكومة في اسرائيل لن يطرأ تغيير على الخط الأميركي - الأوروبي الصارم والقاطع الذي نثني عليه، فمؤسسات السلطة مرتبطة بالمساعدة الخارجية وخصوصا الأوروبية منها. ولا بد ان حماس تدرك بوصفها ذراع السلطة المقبلة أن لامستقبل لها من دون هذه المساعدة، وربما هذا هو السبب الذي دفع الحركة الى الطلب من الناطقين باسمها التخفيف من لهجة تصريحاتهم لوسائل الإعلام،و استعداد زعيم الحركة محمود الزهار البحث في هدنة طويلة المدى. بالنسبة الى المجتمع الدولي الذي يجد نفسه في صراع مرير مع الاسلام الأصولي ثمة فرصة نادرة لتحقيق أهدافه، وعليه أن يبقى موحداً وان يستغلها حتى النهاية. "