عبـــــاس: حمـــــاس ستؤلّـــــــف الحكــــومــــة وسأطالبهــــا باحتــــرام التزامـــــات السلطـــة

النهار ، شعبان عبود

بينما يترقب الفلسطينيون والاسرائيليون ودول العالم الخروج من دوامة الشروط والشروط المضادة لتأليف حكومة فلسطينية برئاسة حركة المقاومة الاسلامية "حماس" لا تخرج السلطة الفلسطينية عن القاعدة والاطار القانوني لوجودها، أي الاعتراف بالاتفاقات الدولية والثنائية مع اسرائيل، استبعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس تأليف حكومة فلسطينية جديدة في المستقبل القريب، مع وصوله الى غزة للبحث في هذا الامر مع قياديي الحركة في القطاع.

واستبقت "حماس" الاجتماع مع عباس بالتأكيد انها لن تعترف باسرائيل، لكنها قد تكون مستعدة للتفاوض على شروط هدنة موقتة مع الدولة العبرية.

وزادت واشنطن ضغوطها على الفلسطينيين في ضوء فوز "حماس" في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، اذ اعلنت الادارة الاميركية انها علقت تنفيذ مشاريع جديدة في الاراضي الفلسطينية.

عباس

وصرح الرئيس الفلسطيني للصحافيين لدى وصوله الى غزة مساء امس من رام الله في الضفة الغربية، انه "سيلتقي قريبا قادة حماس لمناقشة نتائج الانتخابات التشريعية وتشكيل حكومة فلسطينية جديدة".

واوضح انه "من المبكر الحديث عن تشكيل حكومة"، وقال: "في البدء يرسم المجلس التشريعي ويقسم اعضاؤه اليمين وتشكل رئاسة المجلس، وستكون الجهة التي ستشكل الحكومة هي حركة حماس".

وسئل هل من شروط معينة لتأليف الحكومة، فاجاب "انه سيطالب الحكومة الجديدة بان تحترم التزامات السلطة الفلسطينية".

وقبل انتقاله الى غزة، التقى عباس مع القنصل الاميركي العام في القدس جاكوب والاس وعرض معه "تطورات الاوضاع في الاراضي الفلسطينية" بعد فوز "حماس" في الانتخابات.

المعونات الاميركية

وقال والاس في مقابلة صحافية، ان الولايات المتحدة تخشى احتمال لجوء حكومة فلسطينية برئاسة "حماس" الى ايران من اجل الدعم المالي، اذا قطعت الولايات المتحدة ومانحون آخرون كبار المعونات. لكنه اضاف ان واشنطن تشك في ان تكون لدى طهران الموارد المالية والمعرفة لتمويل سلطة فلسطينية برئاسة "حماس" من دون دعم دولي و"نحن نتحدث هنا عن مبالغ كبيرة ولا اظن ان ايران في وضع يسمح لها بالتقدم وتغطية ذلك كاملا". واعلن "اننا مستمرون في نشاطات (المعونة الاميركية) قيد التنفيذ، لكننا لا نبدأ نشاطات جديدة. لا نريد ان نصير في وضع يمكن ان نكون قد بدأنا فيه شيئا ولا نتمكن من انجازه".

واعرب عن ثقته بأنه سيكون لدينا برنامج مساعدة في المستقبل"، بغض النظر عن دور "حماس" في الحكومة المقبلة. غير ان حجم برنامج المساعدة ونطاقه غير مؤكدين نظرا الى القيود الاميركية على الاتصالات مع "حماس".

موقف "فتح"

وعلمت "النهار" من مصادر فلسطينية مطلعة ان غالبية في حركة "فتح" تميل الى عدم المشاركة في حكومة برئاسة "حماس" وان شرط "فتح" للمشاركة هو موافقة "حماس" على البرنامج الاصلاحي لعباس والذي قطع شوطا في ترميم الأوضاع الامنية والاقتصادية التي خلفتها المواجهة مع اسرائيل، على رغم ان هذا البرنامج لم ينفذ بكامله ولا تكفي سنة واحدة في الحكم لاصلاح ما افسدته العسكرة التامة للمجتمع الفلسطيني.

وقالت مصادر انه من دون الاعتراف بالاساس القانوني للسلطة الفلسطينية، اي اتفاقات اوسلو، لا يمكن المشاركة في حكومة مع "حماس" ، ولا يمكن ان تضيع تضحيات"فتح" ودفاعها عن مشروع بناء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، بسبب سوء ادارة متنفذين في السلطة الفلسطينية وبعض اقطاب "فتح" في قيادة الاجهزة الامنية، فالحركة هي التي اشعلت شرارة الانتفاضة دفاعاً عن القدس وعن حدود الدولة الفسلطينية على خط الرابع من حزيران، التي ذهب ضحيتها الزعيم الراحل ياسر عرفات.

"حماس"

وتوقع القيادي في "حماس" اسماعيل هنية ان يجتمع ومسؤولين آخرين من "حماس" مع عباس في غزة اليوم لبدء مشاورات في شأن طبيعة الحكومة المقبلة ومحاولة تحديد موعد لعقد اول جلسة للمجلس التشريعي الجديد.

لكن الناطق باسم "حماس" سامي ابو زهري نفى ان يكون الرئيس عباس قد حدد موعدا للقاء قادة الحركة في غزة. وأوضح ان "لا ترتيبات او مواعيد محددة للقاء الرئيس أبو مازن بقيادة حماس، للبحث في تأليف الحكومة الجديدة". وتوقع "ان يحدد موعد اللقاء في الايام المقبلة". وأشار الى ان "الوفد القيادي للحركة برئاسة النائب المنتخب سعيد صيام يجري حاليا في دمشق مشاورات مع القيادة الخارجية للحركة في شأن سبل تشكيل الحكومة الجديدة".

وتحدث القيادي في "حماس" عاطف عدوان المنتخب حديثا في المجلس التشريعي عن ابداء قياديين كبار في "فتح" استعدادا للانضمام الى حكومة برئاسة "حماس". وقال: “بخلاف الموقف الذي عبر عنه العديد من قياديي الحركة في وسائل الاعلام، فان العديد من قياديي فتح أبلغوا الى الحركة انهم يوافقون من حيث المبدأ على المشاركة في حكومة برئاسة حركة "حماس"، وهو ما يتعارض مع اعلان عباس ان "حماس" ستؤلف الحكومة.

ووسط الضغوط التي تتعرض لها "حماس" للاعتراف باسرائيل، كتب رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل الذي يتخذ دمشق مقرا له مقالا في صحيفة "الحياة الجديدة" الفلسطينية عنوانه "لمن يهمه الامر"وجاء فيه: "لن نعترف مطلقا بشرعية الدولة الصهيونية التي تمت اقامتها على ارضنا للتكفير عن خطايا ارتكبها الآخرون او لحل مشكلات الآخرين (...) اذا كنتم على استعداد لقبول مبدأ الهدنة الطويلة الامد، فإننا على استعداد للتفاوض معكم على شروط تلك الهدنة". ورفض الضغوط الدولية قائلاً ان رسالة "حماس" الى الولايات المتحدة واوروبا هي ان"المحاولات التي تبذل لحمل حماس على التخلي عن مبادئها ستضيع هباء ولن تحقق اي نتائج".

اجتماع دمشق

وفي دمشق، قال نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" موسى ابو مرزوق ان اجتماع قياديين من الحركة في دمشق "تركز على مناقشة الترتيبات الداخلية داخل حماس، لتحديد الموقف من قضايا مختلفة ومنها تشكيل الحكومة الفلسطينية والحوار مع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية".

وعن الجولة العربية التي من المزمع ان يقوم بها قياديون من الحركة على عدد من الدول العربية والاسلامية، قال لـ"النهار": “سنتحرك في اتجاه اكثر الدول العربية ولكن ضمن ترتيب زمني، وستشمل الجولة دولاً مثل مصر والسودان وقطر والكويت والسعودية وايران وتركيا وباكستان". واضاف ان زيارة القاهرة "ستكون خلال الايام المقبلة وستضم رئيس المكتب السياسي خالد مشعل وعدداً من قادة الحركة"، الى ابو مرزوق.

وعن لقاء عباس، شدد على ان الحركة "تنتظر ان يفرغ عباس من تصوراته للمرحلة المقبلة (...) ايضاً في انتظار ان تبلور حركة فتح وتحسم موقفاً رسمياً واحداً من الموضوع الحكومي، لاننا نسمع مواقف متعددة".

مبارك

ں في القدس، نقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية عن الرئيس المصري حسني مبارك انه "اذا ارادت حماس تشكيل الحكومة، عليها ان تعترف باسرائيل...

لا أريد ان أقول ما على خالد مشعل ان يقول، وما على حماس ان تفعل كي تقبلوها، إلا انه من دون الاعتراف باسرائيل لن تسير الامور قدماً". واعتبر ان على اسرائيل ألا تقع في "حال هلع" بعد فوز "حماس". وأضاف: "ان خبرتي الطويلة علمتني انكم انتم الاسرائيليون تفضلون دائماً حال الهلع. تجدون دائماً ما يكفي من الاسباب للقلق... طبعاً لديكم بعض الاسباب التي تبرر خوفكم من حماس بسبب الاحداث السابقة، إلا انني لا اعتقد ان عليكم ان تقلقوا. ان حماس تريد العيش بسلام وأنا واثق من انهم لا ينوون تشكيل حكومة ارهابية".