النهار
رأى مدير جهاز الاستخبارات الوطني الأميركي جون نيغروبونتي ان طريق الإصلاح في العالم العربي "أبعد من أن تكون آمنة". وقال ان سوريا لاعب أساسي ولكن غير متعاون في المنطقة، متوقعاً أن يواجه النظام السوري ضغوطاً داخلية وأخرى "مختلفة" في إطار التحقيق الدولي في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

وهو كان يتحدث في إطلالته الأولى أمام الكونغرس منذ جلسات الموافقة على تعيينه في منصبه في نيسان 2005. ووصف سوريا بأنها لاعب "محوري ولكن غير متعاون إجمالاً، في منطقة مضطربة". وأوضح ان دمشق "تبلغ رفضها للعالم الغربي" بتحالفها مع ايران، مشيراً إلى ان سلطاتها تواصل التدخل في شؤون لبنان، الأمر الذي قد يؤدي إلى انهيار نظامها في النهاية. واضاف انه "خلال السنة المقبلة، سيواجه النظام السوري تحديات داخلية وضغوطاً مختلفة، وخصوصاً في ظل تحقيق الأمم المتحدة في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، تثير تساؤلات عن اجتهادات الرئيس بشار الأسد وقدرته على القيادة". وقال: "لقد اتاح انسحاب سوريا من لبنان فرصا سياسية في بيروت، لكن التوترات الطائفية مستمرة، وخصوصا الشعور السائد في اوساط الشيعة بأنهم غير ممثلين تمثيلا كافيا في الحكومة، وبسبب التدخل السوري المستمر".

وبدا أن نيغروبونتي كان حذراً في توقع إمكانات نجاح الإصلاح في الشرق الأوسط، اذ لاحظ أن "الجدل العام في شأن دور الديموقراطية والإسلام في المنطقة" قد يؤدي إلى "انفتاح الأنظمة السياسية وتطوير المنظمات المدنية يوفر حصناً ضد التطرف... لكن الطريق إلى التغيير بعيد عن أن يكون مضموناً". ولفت إلى ان قوى التغيير "عرضة للانقسام"، بينما الأنظمة قادرة على "استخدام القمع والإصلاحات المحدودة لتهدئة الضغوط السياسية لضمان استمرارها".

وعن فوز حركة المقاومة الاسلامية "حماس" في الانتخابات الفلسطينية وسط تساؤلات عن كيفية التعامل مع مجموعة تدعو إلى تدمير اسرائيل، قال ان الفوز لا يعني بالضرورة نهاية عملية السلام في الشرق الأوسط، ذلك ان الأصوات التي حصلت عليها "حماس" قد تكون موجهة أكثر ضد حركة "فتح"، داعياً "حماس" إلى "الخضوع للرأي العام الفلسطيني الذي دعم مدى سنين خيار قيام دولتين".

واعرب عن اعتقاده انه حتى اذا قامت حكومة تشمل جميع القوى السياسية في العراق، فإن وقتاً سيمر "بالتأكيد" قبل ان تتراجع عمليات التسلل والهجمات في البلاد. لكنه حذر من أن الانقسامات الطائفية بين الشيعة والسنة والاكراد قد تعوق تطور قوى الامن العراقية التي يفترض ان تتولى مهمات القوات الاميركية.

وقال ايضا"ان مصدر قلقنا الاساسي ينبع من القاعدة. لقد قضينا على غالبية القادة الذين كانوا على رأس القاعدة عام 2001، وتمكنت مكافحة الارهاب التي قادتها الولايات المتحدة عام 2005 من صد عملياتها". الا ان "العناصر الأساسية في القاعدة تواصل الإعداد لهجمات إرهابية على الولايات المتحدة وعلى أهداف أخرى انطلاقاً من قواعدها على الحدود بين باكستان وافغانستان". وذكر ان "القاعدة" تسعى إلى العمل في الأردن ولبنان، وأن قيادة التنظيم لا تزال تسعى إلى امتلاك أسلحة كيميائية وبيولوجية ونووية لشن هجوم على الولايات المتحدة التي لا تزال مهددة بخطر هجمات يشنها إرهابيون وليس دول، "على رغم أن قدرات الإرهابيين تقلصت أخيراً".

ووصف منطقة آسيا الوسطى التي تضم قازاقستان وأوزبكستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان بأنها غارقة في "جمود سياسي وقمع"، إلى الفساد وانتشار الفقر وغياب المساواة الاجتماعية - الاقتصادية. وأبدى قلقا من الاتجاه الذي تسلكه روسيا في ظل قيادة رئيسها فلاديمير بوتين، وخصوصاً اتجاهه إلى حصر السلطات في يده "والسيطرة على المجتمع المدني وزيادة سيطرة الدولة على قطاعات الاقتصاد واستمرار انتشار الفساد". لكنه خلص الى ان روسيا ستتعاون مع الولايات المتحدة في قضايا ذات اهتمام مشترك مثل مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات وحظر أسلحة الدمار الشامل.

وإذ أشاد بتعاون باكستان في مكافحة الإرهاب، اقر بأن الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف "اتخذ خطوات محدودة لتقدم حكومته حيال الديموقراطية". وقال ان الانتخابات العامة سنة 2007 ستكون مفصلاً في تحديد ما إذا كانت البلاد ستحقق الانتقال نحو الديموقراطية.

وأعلن ان الولايات المتحدة لا تعتقد ان ايران تملك الآن سلاحاً نووياً، قائلا: "نرى ان ايران لا تملك سلاحاً نووياً بعد، وربما لم تنتج أو تحصل بعد على المواد الانشطارية اللازمة". غير أن "خطر امتلاكها سلاحاً نووياً وقدرتها على دمجه بالصواريخ البالستية التي لديها أصلاً، يشكلان مصدر قلق فوري" للولايات المتحدة.

وتحدث عن مواصلة ايران "دعم عدد من التنظيمات الارهابية، اذ ترى طهران ان هذا الدعم على انه مصدر مهم لردع الهجمات الاميركية والاسرائيلية، من طريق اضعاف اسرائيل وتحويل انظارها، ومن طريق تعزيز نفوذ ايران الاقليمي بواسطة الترهيب". واضاف: "حزب الله اللبناني هو الحليف الارهابي الرئيسي لايران، وهو على رغم تركيزه على اجندته في لبنان ودعم الارهابيين الفلسطينيين المعادين لاسرائيل، لديه شبكة دعم عالمية، وهو قادر على شن هجمات على المصالح الاميركية، اذا شعر بأن راعيه الايراني مهدد".

وفي المقابل، قال ان إعلان كوريا الشمالية امتلاكها سلاحاً نووياً "صحيح على الأرجح". ومع ذلك تبقى ايران وكوريا الشمالية مصدر قلق "عال" بعد "القاعدة".