في الواقع لم يكن الأمر رحلة نيكسون الى الصين. ولكنه في الوقت ذاته لم يكن سيئا. يمكنني القول إن خطاب حالة الاتحاد الذي القاه الرئيس بوش قبل ايام، عندما تعلق الأمر بالدعوة الى إنهاء إدماننا على النفط ودفعة حقيقية لتحسين تنافسنا التعليمي، هو مثل زيارة نيكسون لنيومكسيكو. لقد كان تغييرا مهما في الاتجاه والنبرة، ولكنه لا يزال بعيدا كل البعد عن الصين، بعيدا عن التغيير الواضح المحدد للسياسة والتطبيق.

«كن جادا فريدمان، لقد ذكر الرئيس بعض الفقرات، وفجأة شعرت بالضعف. كن جادا. انت في حاجة للتخلص من ذلك. تعلم جيدا عدم جديتهم. هذا رئيس اشار ذات مرة الى ضرورة وضع رجل على المريخ ولكنه تخلى عن الهدف. هل تتذكر؟ كنت تتصور انهم سينجحون في حرب العراق أنظر ماذا حدث أيها الغبي. كان يجب الاستماع الى زوجتك».

نعم أعلم كل ذلك. ولكن في ما يلي ما اعرفه ايضا: جورج بوش سيستمر رئيسا لمدة ثلاث سنوات. وليس لدينا ثلاث سنوات نخسرها ـ ليس في ما يتعلق بتغييرات الطقس ولا الكفاءة في استخدام الطاقة ولا تحسين تعليم الرياضيات والعلوم. لن استمر طوال الفترة المقبلة انتقد هؤلاء الرجال واتمنى انتخاب ديمقراطي ليفعل كل الاشياء الجيدة. ليس لدينا ما يكفي من الوقت، أيها الاغبياء!

لقد استمعت للرئيس يستخدم لغة بخصوص ضرورة القضاء على إدماننا على النفط عبر الاختراعات والتقنيات المتجددة ـ بدون الاشارة الى التنقيب عن النفط في آلاسكا ـ التي لم اسمعها من قبل. فعندما يغير الرئيس لغته في قضية مثل هذه بطريقة اساسية، (ويجب علينا معرفة ما اذا كانت ستستمر)، فإن البلاد والبيروقراطية بأكملها يجب ان تتحدث بطريقة مختلفة.

«كل ما تتحدث عنه هو الحديث. كيف نقوم ببعض الافعال؟»

واحد من هذه الافعال هو الكتابة الى السناتور الذي يمثلك واعضاء مجلس النواب وإبلاغهم بتأييد ودعم برنامج «اختيار السيارة والنفط» من اجل قانون الامن الاميركي. ان ذلك المشروع الذي يحظى بتأييد الجمهوريين والديمقراطيين، يهدف الى خفض استهلاك النفط بـ 2.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2015 و 7 ملايين برميل بحلول عام 2025 ، وهو اكثر مما يقترحه الرئيس. ويقدم مشروع القانون الى قطاع صناعة السيارات الاميركية المتعثرة ضمانات للحصول على قروض وغيرها من الحوافز بشرط استخدام تلك الاموال لاعادة تجهيز خطوط التجميع لزيادة انتاجهم من السيارات التي يمكنها استخدام طاقة من البنزين والكحول بالاضافة الى السيارات الهجين التي تستخدم البنزين والكهرباء.

ويعتبر مشروع القانون وسيلة لتوفير كميات هائلة من النفط على وجه السرعة ولإنقاذ ديترويت اليوم قبل ان تفلس غدا.

يقول خبير لشؤون الطاقة في «غال لافت» : يضاف الى ذلك ان التكنولوجيا اللازمة لخفض استهلاكنا للجازولين موجودة اصلا، أي السيارات التي تستخدم الوقود البديل، وما نحتاجه هو وجود المزيد من الذين يرغبون في الشراء. ثمة حاجة لإغراء ديترويت لإنتاج المزيد من هذا النوع من السيارات، إلا ان ثمة حاجة ايضا الى فرض ضريبة على الجازولين، وهذا ما يرفضه الرئيس بوش، وهو على خطأ في هذا الأمر. إذ لن يستطيع القضاء على إدماننا للنفط إلا اذا تخلص من إدمانه على خفض الضرائب.

اعتقد ان الرئيس بوش لم يستطع بعد ان يتوصل الى ان اجندته الخاصة بترقية الديمقراطية في العالم ستواجه عقبات اذا لم تتمكن الولايات المتحدة من قيادة العالم الى التقليل من استخدام النفط. فنحن مقبلون على فترة سيتراوح خلالها سعر برميل النفط بين 50 و60 دولارا على مدى فترة طويلة، وهذه في واقع الأمر حقبة لا قبل لنا بها في السابق.

هذا حديث صحيح تماما. فالمدمنون لا يقولون الحقيقة لمن يوفر لهم ما أدمنوه. وفي هذا السياق أود القول إنني اشعر بالارتياح ازاء تغيير الرئيس لخطابه حول الطاقة وإعادة ترتيب الأولويات في ما يتعلق بالتمويل. هذا بالتأكيد تطور مهم، ولكن عليه فعل المزيد اذا أراد ان يحدث تغييرا حقيقيا وملموسا. ليست هناك بالطبع حلول سهلة. تذكروا كيف أنهى الرئيس الراحل كينيدي خطابه حول حالة الاتحاد في 25 مايو 1961 بالدعوة الى الوصول الى القمر عندما قال «لم اطلب أي برنامج لا يسبب لأي اميركي او كل الاميركيين ازعاجا او شعورا بالضيق او المشقة او بعض التضحية».

«من المستحيل ان يقول بوش مثل هذا الكلام».

ربما يكون هذا الرأي صائبا. وإذا فشل بوش في المضي قدماً في تنفيذ مبادرته حول الطاقة، سأكون من أول منتقديه. وفي نفس الوقت أفضل ان اتوقع منه ما هو ايجابي، إذ لا أحد يعرف ما سيحدث.