رأفت جبريل

عندما يغيب الفكر عن الفرد، ويغيب الوعي، وتغيب الأيدولوجيا التي من أجلها انخرط في جماعة أو تنظيم معين للعمل على تحقيق النصر والتحرير وإعادة الكرامة للشعب العربي الفلسطيني، وتغير مسار الأنشطة والاهتمامات لهؤلاء الأفراد لتسير نحو مسار آخر ألا وهو الاستفادة والمصلحة الشخصية والبحث عن الأموال والتي نخص منها بالذكر الأموال الأجنبية، حيث أنها من أخطر المحاور التي غيرت الكثير في مجتمعنا الفلسطيني على كافة الأصعدة، وغيرت الكثير في فكر أبناء هذا الشعب ، فعندما وعندما ... إلخ .

إنه لمن الطبيعي أن نصل إلى ما وصلنا إليه في الآونة الأخيرة، لذا يتوجب على الأفراد والطبقات الشعبية داخل المجتمع الشريفة التي ما زالت تنعم بالحس الوطني والغيرة تجاه الوطن والتي ما زالت تحلم بالوطن الكبير، مقاومة ومقاطعة هذا التمويل التي هدفه أقل ما يقال عنه أنه قذر.

إن الغرب الرأسمالي وعلى رأسه الحلف الإنجلوسكسوني لا يستطيع أن يمرر أي مخطط قام بإعداده إلا عن طريق مؤسسات الأنجزة والتي تتلقى كامل تمويلها من الغرب الرأسمالي والسلطة التي تتلقى جزء كبير من هذا التمويل لأن إيرادات السلطة لا تكاد تغطي 20% من مجمل نفقاتها، فإنها تعتبر محطة من خلالها يتم تنفيذ هذه المخططات والمؤامرات التي قد تعصف بشعبنا نحو الدمار والهاوية، لذا يجب التأكيد على أنه لا يمكن أن تقوم قائمة لشعب وهو يتلقى تمويله من الغرب الرأسمالي.

فمن هنا يجب أن تضع فصائل المقاومة هذا الخطر ضمن برامجها التي تهدف للمقاومة، وأقل ما يمكن فعله حالياً من قبل التنظيمات الفاعلة والناشطة على الساحة الفلسطينية هو توعية وتثقيف القاعدة والجماهير والطبقات الشعبية عن خطر هذا التمويل وما يهدف إليه ولمصلحة من تصب أهدافه، لحين إيجاد الحل الجذري لهذا الموضوع واستئصال هذا المرض من الجسم العربي الفلسطيني، لأنه إذا وجد الوعي الكامل لدى الجماهير والطبقات الشعبية داخل المجتمع عن خطورة هذا التمويل فإن الحال سيختلف كلياً عما هو عليه الآن من دعم للمقاومة بكافة أشكالها وتقديم العون للمقاومين، وعدم الخوف على ممتلكات أو مصالح شخصية قد يتسبب الاحتلال بتدميرها نتيجة لعمليات المقاومة، وستصبح اللغة لهذا الشعب هي لغة المقاومة، والثقافة هي ثقافة المقاومة، والتي من شأنها أن تعيد الأيدولوجيا السليمة للتنظيمات الفلسطينية وتعيدها إلى التمسك بالخيار الإستراتيجي الوحيد الذي يقودنا إلى النصر وهو المقاومة، وعدم الاكتراث لما تقوم به السلطة من لهث وراء الهدن والتهدئات وللحصول على مزيد من الاهانات للشعب الفلسطيني لأنها ستفشل في النهاية لا محالة لأنه ستصبح الكفة الأقوى هي كفة المقاومة وهي التي سوف تتحكم بمجيرات الأمور على الساحة الفلسطينية لا السلطة.

وسوف تقودنا المقاومة بإذن الله إلى المصير الذي يحلم به أربعة ملايين لاجئ في الشتات وسبعة آلاف أسير داخل السجون، ومواطنو فلسطين المحتلة داخل الخط الأخضر ومواطنو ولاجئو الضفة الغربية وقطاع غزة، لأن التاريخ كله لم يعرف أن احتلالاً انتصر على مقاومة في أي بقعة من أرجاء المعمورة.