الأزمة الوزارية التي استبدت بالوضع اللبناني طوال حوالي شهرين وجدت مخرجها. ثم العثور على صيغة مقبولة أدت إلى عودة الوزراء المقاطعين في الجلسة القريبة القادمة لمجلس الوزراء، يكون عقد الحكومة مكتملاً ونصابها من غير نقصان. التطور هذا ترك قدراً ملحوظاً من الارتياح، في الوضع اللبناني المنهك. كما ترك أصداء طيبة في العالم العربي.

صحيح أنه تطور متواضع بحسابات ومقاييس التعقيدات والتحديات التي يعيشها لبنان. لكن لأن الواقع مشحون إلى هذا الحد بالصعوبات، فإن أية حلحلة تنزل في خانة الانفراج.

خاصة اذا كانت تساهم في ترطيب الأجواء وخفض حرارة التوتر الداخلي، وبما يساعد على فتح المداخل لمعالجة ومواجهة المعضلات والاشكالات الأخرى التي تلقي، منذ فترة بظلها الثقيل على الوضع العام.

لكن الأهمية الخاصة لتجاوز تلك الأزمة كانت في الطابع المحلي لهذا الحلّ. فهو أتى كنتاج لبناني، هندسته وإخراجه وتسويقه، كان كله بضاعة لبنانية والأهم أنه جاء كثمرة للحوار، بين الجهات المعنية، الأمر الذي يؤشر إلى فعالية هذا النهج، وبالتالي الى المدى الواعد للاستمرارية.

لاسيما وان كل الأطراف، لا تترك مناسبة من دون التأكيد على هذا السبيل كما على التشبث به، في مقاربة جميع الاستحقاقات المطروحة، فهو جسر العبور الوحيد والمأمون لسد الفجوة التي اتسعت مؤخراً بين اللبنانيين .

ولابد ان يكون ما حصل أمس حافزاً ومشجعاً على التفاؤل، في امكانية إعادة بناء مداميك الثقة بينهم. خاصة اذا ما تم ترسيخ التماسك الحكومي، للانتقال منه وبه إلى الحلقات الخلافية الأصعب.

ومن خبرتها، صارت الساحة اللبنانية مدركة بأن التصدي للمشكلات يكون أكثر يسراً اذا كان منسوب التوتر الداخلي هابطاً. والعكس اذا كان مرتفعاً، حتى ولو كانت المشكلة من العيار غير الشائك.

بالإضافة الى ذلك فإن الحوار الداخلي، خاصة المثمر، من شأنه ان يمهد لتسهيل الطريق أمام أي دور عربي في الأزمة على الأقل في تمكين هذا الدور من وقف التداعيات السلبية، في العلاقات اللبنانية السورية، توطئة لرد الأمور الى مجاريها الطبيعية بين البلدين الشقيقين.

الوضع اللبناني لم يخرج من حقل الألغام، ما حصل على صعيد حلّ العقدة الوزارية لا يزيد على حجم تعطيل لصاعق أحد هذه الألغام، المتبقي من هذه الأخيرة كثير ومن العيار الكبير.

واذا كان يحتاج لتعاون عربي فعّال لنزع فتيله وتعطيله، فإنه بحاجة، أولاً وأخيراً إلى إرادة لبنانية جامعة وعازمة على تأمين شروط اجتياز هذا الحقل بسلام. من دونها لا يقوى الآخرون، اشقاء كانوا أم غيرهم على قيادة السفينة اللبنانية إلى شاطيء الأمان.

تجاربهم، المكلفة، خير دليل لهم. فلا بديل لدورهم في تدبير أمورهم.

خاصة الأساسية منها، وما يحمل على التفاؤل ان حلّ إشكالية أمس يشير إلى أن امكانية الصحوة متوفرة عند اللزوم، على الأقل خميرتها موجودة.