نضال الخضري

لماذا تتركني؟!! وسط الصوت الغاضب والممتد على مساحة المجهول. أبحث عنك فلا أرى إلى امتدادا لمرحلة الموت المستمر منذ الخليفة المتوكل ووصولا إلى حريم السلطان عبد الحميد. لكنني أقف وسط الصوت الغاضب ومظاهر الاحتراق كأنثى وحيدة وخائفة من المد الأصفر فمن سيحميني؟

في كل اللحظات التي اعتقدت فيها بأن رغبات الانتقام ولت نحو التاريخ، كنت أرسم صور الأطفال وهم قادرون على العيش في ظل زمن "الاختيار" ... في مساحة المدنية التي تتسع للجميع، لكنني لم أكن أعرف أنني سأقف ما بين الشرق والغرب لتصبح صورتي رمزا لخطوات تدفعني نحو "اصفرار" الذاكرة ... هذه هنا مارقة الشرق و .... "دهشة" الغرب ثم ... تضيع هويتي على مساحة من العراك الغوغائي.

لم أكن اعرف أن نصف قرن من محاولة تكوين "أنثى" تنتهي في لحظات المد الأصفر. إنه "الحلبة" التي يختارها صقور الغرب ودراويش الشرق لاقتسام تركة انثى خائفة وسط حرب من وحي التراث. فإذا نسينا "الصور الدنمركية" وهتافات المتظاهرين بالموت لمن أساء للرسول فإن ما يبقى هو لون التحول نحو الماضي. لكنني لا أرى الآخر "فرنجة" ... ولا أشاهد مساحة الوطن "دار سلام" لأن القلق هو سيد الحياة التي أعيشها.

ليست دمشق ... ليست سورية .. وليست الصورة التي أراها أمامي مساحة مهدورة من ذاكرتي. لأن عشق المدن يقودني نحو صورة المدينة التي عاصرت الماضي والحاضر وتريد الاتجاه نحو المستقبل دون حرب مقدسة، إنما برغبة في دفع كل أشكال الاستباحة التي تمارس ضدنا بدء من الرسوم الكاريكاتورية وانتهاء برعب طفلة في العراق أو فلسطين وهي تشهد فصول الموت. فالغاضبون في الشوارع يرمون خلفهم قلقي وخوفي ... ويتذكرون التاريخ فقط رغم أنني احمل التاريخ في عنقي منذ اللحظة التي اتهمت فيها بإخراج آدم من الجنة، أو بإغواء يوسف أو حتى بالمسؤولية عن الفساد حسب رأي "الخطباء".

دمشق ليست حريق "السفارات" ... إنها اشتعال أنثى تخشى اجتياح التراث لمعالمها ... ورعب طفلة تعرف أن الصور القديمة ستعيدها سبية ... وعشق طفل للخروج من مظاهر الرجولة التي لا ترى في التاريخ أو حتى الحاضر سوى تحد ذاتي لمظاهر رجولته ... فينفجر غضبا دون تفكير بأن "الحرب" تحتاج أكثر من قيم الرجولة أو صور الأنوثة على شاكلة "ولادة".