لا يختلف اثنان على ضرورة إدانة واستهجان نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول (ص) ، ومن غير المرجح أن يعترض احد على أن حق التعبير عن حالة الرفض مكفول من خلال مختلف الطرق ، لمثل هذه الممارسات غير الإنسانية والمخالفة لكل المعايير والنظم ، والتي لا يمكن أن يتم تصنيفها ضمن حرية الرأي والتعبير.

والمسيرة من اجل هدف سام متمثل في نصرة رسول الله ( ص ) ، التي انطلقت في شوارع دمشق باتجاه السفارة الدنماركية اول امس ، لا شك انها تقع ضمن إطار التعبير عن حالة الرفض والاستهجان التي سكنت في قلب كل سوري بعد هذه الممارسات غير المقبولة.

وإذا أردنا أن نعالج حادثة إحراق السفارتين الدنماركية والنرويجية بشكل موضوعي ، فانه من الجائز جدا أن يقوم بعض المتظاهرين من خلال حالة غضب شديد بأعمال عنف مثل التي شهدناها على الفضائيات من أعمال اقتحام وتحطيم وإحراق.

وليس علينا هنا أن نلوم من أتى بمثل هذه الأفعال ، ولكن اللوم بالدرجة الأولى يقع على السلطات السورية لعدة اسباب ..

 السبب الأول بان هذه المسيرة كانت معلنة ومخططة قبل عدة أيام وتم تناقل أخبارها على نطاق واسع بطرق عدة منها رسائل الـ SMS ، فلماذا لم تتخذ السلطات السورية الاحتياطات الكافية لمنع حدوث مثل هذه الافعال المخلة بالأمن والمضرة بالمصالح الوطنية.

 اذا سلمنا بان الوضع في السفارة الدنماركية كان مفاجئاً وخارج السيطرة ، فلماذا تكرر الموضوع في السفارة النرويجية وسط فشل امني ذريع تمثل في تكرار حالة إحراق لسفارة ثانية في العاصمة دمشق بفاصل زمني تجاوز الساعتين , وعلى بعد مسيرة تتجاوز الـ 7 كلم سيرا على الاقدام.

 أليس من الضروري في هذه الحالة التأكد من أن عملية حرق السفارتين تمت بفعل المتظاهرين الغاضبين المحتجين على الإساءة للرسول ، دون أن يكون لبعض الغوغاء أو المخربين الذين استغلوا الظرف لينفذوا مثل هذه الأفعال المخلة بأمننا والمشوهة لصورتنا في العالم ، بمعنى أليس من الضروري بعد أن سلمنا بان الحدث كان مفاجئاً وخارج السيطرة ، ان يفتح تحقيق في الحادث للتأكد من ان فعل الإحراق كان وراؤه بالفعل هؤلاء المتظاهرين المحتجين ، وليس عناصر مخربة أخرى هدفها العبث بالأمن ونشر الفوضى.

أليس من حق الشعب السوري أن يخرج عليه مسؤولا من مسؤولينا الكثر ليشرح ظروف الحادثة وأبعادها ، ويطمئن المواطن السوري بان الأمن تحت السيطرة وان الذي حدث هو حادثة منعزلة لن يكون لها امتدادات او تداعيات سلبية في المستقبل.

حقيقة لم يرتقِ رد فعل السلطات السورية الى مستوى الحدث ، ولم تتعامل هذه السلطات مع ما جرى بمسؤولية وحزم ، على انه تطاول على هيبة الدولة وإخلال بالأمن العام للمواطن وإساءة للإسلام والرسول ( ص ) وللسوريين عموما.

ام انه كالعادة رد فعل السلطات السورية المختصة سيكون بطيئاً للغاية ، وربما بحاجة الى محفزات خارجية حتى يتحرك على المستوى الداخلي ؟؟!!