ترجيح خطوات قريبة... «نتائج دسمة» للتحقيق في اغتيال الحريري وواشنطن وباريس تعدّان «تحذيراً» لدمشق
الحياة

استمرت تداعيات يوم «الأحد الأسود» وأعمال الشغب التي تخللت التظاهرة التي دعت اليها «الحملة اللبنانية لمواجهة الاساءات الدنماركية» بالقاء ظلالها على الوضع اللبناني، بعدما تسببت الاعتداءات التي تخللت تلك الاعمال بشحن الاجواء الطائفية في لبنان، ونجحت القيادات الاسلامية والمسيحية في استيعابها منعاً للفتنة. وواصل القضاء العسكري اللبناني تحقيقاته مع ما يناهز أربعمئة موقوف من المشتبه بعلاقتهم بالشغب، ولفرز المندسين في التظاهرة عن المندفعين الذين واجهوا رجال الامن وأحرقوا مبنى تقع فيه القنصلية الدنماركية واعتدوا على الممتلكات، فأُفرج عن بعضهم.

وكان لردود الفعل على «الانقلاب السياسي» الذي تمثل بلقاء العماد ميشال عون الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، وللاتهامات التي وجهها بيان قوى 14 آذار (مارس) الى سورية ولبعض حلفائها ومنهم الوزير السابق سليمان فرنجية ردود فعل أمس.

في غضون ذلك، علمت «الحياة» ان التحقيق الدولي في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري قد يشهد في الأيام المقبلة تحريكاً لبعض الخطوات، خصوصاً ان لجنة التحقيق الدولية برئاسة القاضي سيرج براميرتز الذي يصل اليوم الى نيويورك، لم تتلق حتى امس أي جواب من السلطات السورية على طلبها مقابلة الرئيس السوري بشار الاسد وبعض المسؤولين الآخرين، كما قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الحياة». وترددت انباء عن ان التحقيق توصل الى نتائج جديدة «دسمة» لم تفصح المصادر عن طبيعتها، وسط استمرار التكتم الشديد الذي يتصف به برامرتس وامتناعه عن الادلاء بأي اشارات عن جديد أعمال اللجنة.وعلم في نيويورك ان براميرتز سيجري مشاورات يومي الخميس والجمعة مع الأمانة العامة ومع بعض أعضاء مجلس الأمن. واوضحت مصادر مطلعة ان أحد أهداف الزيارة هو «بناء الهيكل التنظيمي» الذي يحتاجه براميرتز، والذي يشمل حاجته الى «المزيد من الخبراء والمحللين»، ويتطلب النظر في الموازنة والعمل نحو العثور على الخبراء والمحللين.

وقالت المصادر ان براميرتز عكف منذ توليه المنصب على «بناء القضية كمدعي عام»، وقام بـ «دراسة معمقة» للملف وللأدلة، واستخلص انه يحتاج الى محللين وخبراء «من النوع العملي لمساعدته في بناء القضية بصفة الادعاء».

وبحسب المصادر، سيجري براميرتز المشاورات في نيويورك ليس فقط لجهة حاجات لجنة التحقيق الدولية وانما أيضاً بما يساعده على اتخاذ قراره في شأن ظروف وشروط وكيفية تلبيته دعوة الحكومة السورية له الى زيارة دمشق، مشيرة الى انه «تلقى دعوة أخرى منذ اسبوع لزيارة دمشق»، وانه سيقرر كيف يجيبها بعد زيارته نيويورك.

وفي باريس، علمت «الحياة» من مصدر فرنسي مأذون له ان الولايات المتحدة وفرنسا «ستوجهان عبر مبعوث الامم المتحدة تيري رود لارسن تحذيراً رسمياً الى سورية بتعريض اعضاء النظام الى عقوبات في حال استمرارها في عدم التعاون مع تنفيذ قرار مجلس الامن الرقم 1559 (حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وسيادة واستقلال لبنان...) والرقم 1595 (التحقيق الدولي) وعدم التدخل في شؤون لبنان وزعزعة استقراره عبر الاغتيالات ومحاولات احداث فتنة داخلية، مثلما حصل في التظاهرات التي بدأت في دمشق وانتقلت الى بيروت السبت والاحد الماضيين» (ضد السفارة الدنماركية). وأشار المصدر الى درس عقوبات لا تمس الشعب السوري، وتطاول مسؤولي حزب «البعث» والجيش والاستخبارات في سورية.

وفي بيروت، أعلن وزير الداخلية اللبناني بالوكالة الدكتور أحمد فتفت امس ان بين الموقوفين الـ416 في احداث الاحد الماضي 138 سورياً و47 فلسطينياً و7 مكتومي الجنسية وسودانياً واحداً. وبرر فتفت عدم ردع المخلين بالأمن (الاعتداء على كنيسة مار مارون والممتلكات) بعدم توافر العناصر الامنية الكافية والمعدات المطلوبة... ولتفادي هدر الدم باطلاق الرصاص لأن الخيار كان بين السيء والأسوأ. ونفى توقيف سوريين في شكل عشوائي.

وفيما لقي اجتماع عون ونصرالله ترحيباً من عدد من حلفاء دمشق، وأبرزهم الوزير السابق سليمان فرنجية، ومن رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي باركه، وبعض الرابطات المسيحية التي زارت عون وثمنت اللقاء، لقيت الاتهامات التي وجهها بيان قوى 14 آذار لسورية وبعض حلفائها بالسعي الى احداث «انقلاب» في الوضع السياسي من خلال تظاهرة الاحد، ولفرنجية بايواء عناصر من القوات الخاصة السورية، ردود فعل. ونفى فرنجية ذلك وشن هجوماً على قريبه النائب سمير فرنجية ورئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري والوزيرة نايلة معوض ونجلها ميشال، ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط والنائب سمير الجسر. ورد عدد من هؤلاء على مؤتمر صحافي عقده فرنجية قبل ظهر امس، فيما صدرت توضيحات من بعض نواب عكار (وهم اعضاء في لقاء قوى 14 آذار) على اشارة بيان قوى 14 آذار الى وجود اصوليين اردنيين في بعض قرى هذه المنطقة.

كما رد وزير العدل شارل رزق الذي طالبته قوى 14 آذار بالكشف عن تحقيقات في اكتشاف مخازن اسلحة وتفجيرات، وعلى طلب اجراء تحقيقات في تمويل دولة اقليمية لبعض الاطراف الحليفة لسورية، فاعتبر ان «هذا الكلام خطير يفهم منه كأن انقلاباً يحضر في لبنان ويلزم مطلقيه اعطاء معلومات الى النيابة العامة التمييزية». وقال رزق انه طلب من النيابة العامة الاتصال بمن يجب من واضعي البيان ليطلب منهم تزويده المعلومات الموثقة ليجري التحقيقات للتثبت منها. ورداً على التلويح بالمطالبة باستقالته من قبل قوى 14 آذار، اوضح رزق ان «الرأي العام يأخذ بالحقائق وليس بالغوغائية».

وكان النائب سمير فرنجية والنائب السابق فارس سعيد زارا رئيس الحكومة فؤاد السنيورة للمطالبة بتحرك جدي للسلطة ازاء المعلومات التي تضمنها بيان قوى 14 آذار، وقال فرنجية ان السنيورة كان ايجابياً.