أشار استطلاع للرأي نشرته امس صحيفة "هآرتس" ان الجمهور الاسرائيلي، على عكس زعمائه، لم يغير فوز "حماس" من مواقفه، رغم اعتقاده ان الحركة تمثل خطرا على وجود اسرائيل وانها على عكس "منظمة التحرير" لن تعترف، بمرور الزمن بالدولة العبرية. فقد اعرب 55 في المئة من اليهود الذين شملهم الاستطلاع انهم يؤيدون قيام دولة فلسطينية، بتراجع 11 في المئة فقط قبل فوز الحركة. ويعتقد نحو 46 في المئة منهم ان "حماس" ستقلص حاليا من هجماتها، ونحو 40 في المئة يعتبرونها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.

على صعيد آخر، نشرت صحيفة "يديعوت احرونوت" امس تحليلا للواء السابق في الاحتياط موشيه العاد الذي شغل مناصب كبيرة في المناطق، وهو خبير في الشؤون الفلسطينية، رأى فيه ان التصويت الفلسطيني لمصلحة "حماس" موجه ايضا ضد الاطراف الفلسطينيين وفي صورة خاصة الشخصيات اليسارية والاكاديمية التي تفاوضت مع شخصيات اسرائيلية بحثا عن اطر للاتفاق السلمي مثل تفاهمات جنيف. ننقل ما جاء فيه: "في اواخر السبعينات ومطلع الثمانينات حاولت اسرائيل تشجيع قيام احزاب سياسية في المناطق الفلسطينية كان من المفترض ان تشكل بديلا من "منظمة التحرير الفلسطينية" التي كانت تعتبر آنذاك ارهابية. فظهر "المجمع الاسلامي" في غزة و"روابط القرى" في الضفة الغربية

لكنهما ما لبثا ان تحولا موضوعا للسخرية والاستهزاء لان الجميع كانوا ينظرون اليهما بوصفهم عملاء لاسرائيل، في الوقت الذي تضاعفت فيه قوة "منظمة التحرير" لان الجمهور في الضفة وغزة يعارض التدخل الاسرائيلي في السياسة المحلية. المؤرخون الذين درسوا العوامل التي ادت الى انتصار "حماس" في الانتخابات الاخيرة لم يكن في امكانهم ان يتجاهلوا التأثير الذي كان لتحرك اسرائيل مثل "تفاهمات جنيف" و"اللقاء الوطني" وسائر قنوات الاتصال غير الحكومية. ففي رأيهم ان تصويت الجمهور الفلسطيني ضد المؤسسات العاجزة حمل ايضا احتجاجا على تدخل جهات اسرائيلية وغربية بما يراه هذا الجمهور محاولة للتأثير على ارادة الجمهور. ففي نظر الناخب الفلسطيني، ياسر عبد ربه وسري نسيبة وقدورة فارس وحنان عشراوي، هم نسخة من روابط القرى في سنوات الالفين لانهم يعكسون عيبين اساسيين: فهم عاجزون عمليا عن قيادة الجمهور، ومن اللحظة التي باتت تحركهم خارج الوفاق الوطني صاروا يعتبرون عملاء لاسرائيل.

ان صعود "حماس" هو صفعة مدوية لكل الذين آمنوا ان في امكان الندوات الدراسية والمؤتمرات والاجتماعات الاكاديمية داخل اسرائيل وخارجها تغيير نمط الحياة السياسية في المناطق. ان انتخاب الزهار وهنية للبرلمان الفلسطيني معناه ان المجتمع الفلسطيني لم ينضج بعد لقيام تعددية فكرية تلائم اسرائيل والغرب. علاوة على ذلك ان كل محاولة مصطنعة لتشجيع زعامة لا تعتبر اصيلة تفسر بسرعة من جانب الجمهور الفلسطيني بانها محاولة للتأثير في الرأي العام في المناطق، والرد عليها سرعان ما يأتي".