أحمد بركات

خلط علماء الدين بما كان يقوم به محمد على انه رسول و ما كان يقوم به على انه قائد للمؤمنين, و تضمن هذا الخلط أمراء المؤمنين, فما كان يقوم به الحاكم من منع و سماح أو ثواب و عقاب أصبحت حلالاً و حراماً أي تعاليم دينية تدرس اليوم على أنها الإسلام.

في تلك الفترة اتخذت الكثير من القرارات من منطلق سياسي بحت و أخذت على أنها جزء من الدين, و لعل أهم قرار أسيء فهمه هو حد الردة (موضوعنا).

عند قراءة القران نلمس ثلاث أمور أساسية:

1- حرية الاختيار:

(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)(البقرة 256)

(لو شاء ربك لامن من في الارض كلهم جميعا أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)(يونس 99)

(لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر)(المدثر 37)

2- مهمة الرسول البلاغ فقط:

(وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين)(النحل 35)

(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين)(المائدة 92)

(ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون)(المائدة 99)

(وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب)(الرعد 44)

(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين)(التغابن 12)

3- عقاب المرتدين من الله حصرا:

(ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)(النساء 115)

من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم)(النحل 106)

(إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم*ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم*فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم)(محمد 25-26-27)

من هذه الأمور الثلاث يمكننا جزم إن حد الردة هو حد سياسي لا علاقة له بالإسلام.

قامت الدولة المحمدية على أساس ديني وهو ما يتناسب مع الظروف في عصرها, أما اليوم و بعد انهيار هذه الدولة لا يمكننا إدارة دولة بأدوات السياسيين المسلمين الذين عاشوا في تلك الفترة بل نحن بحاجة إلى أدوات جديدة و خاضتا أن تلك الأدوات هي أدوات سياسية لا علاقة للإسلام فيها.

بغض النظر عن صحة القرار أو خطأه فقرار محاربة المرتدين يساوي قرار محاربة الانفصاليين في أي دولة معاصرة.