هآرتس

في كل مرة يُطرح فيها موضوع المشروع النووي الإيراني أمام محافل دولية، ينبري من يطرح قضية استثناء المشروع النووي الإسرائيلي. وطالما بقيت إيران تتلقى إدانات وشجب بسبب سلوكها النووي، يتهم المتحدثون باسمها الغرب بالكيل بمكيالين: وبحسب زعمهم، كيف يسمح العالم الغربي لإسرائيل، من خلال غض النظر، بتطوير السلاح النووي، بينما لا يسمح بذلك لإيران ـ الدولة المعنية فقط باستخدام حقوقها المشروعة في تطوير الطاقة النووية لأغراض سلمية.
إن محاولة وضع إيران وإسرائيل على المستوى نفسه، أو محاولة إيجاد ارتباط سياسي فعلي بينهما، هي أمر أحمق وغبي. أولاً، من ناحية القانون الدولي، إيران موقعة على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي وملتزمة عدم تطويره، فيما إسرائيل، كباكستان والهند، غير موقعة على المعاهدة، ولذلك هي ليست خاضعة لأي التزام رسمي.
إضافة إلى ذلك، إيران تم ضبطها "على الساخن" بخرق التزاماتها الدولية، فيما إسرائيل لم تخرق التزامات كهذه. بعبارة أخرى، إسرائيل، مثل الدول النووية السبع الأخرى في العالم، وخلافاً لإيران، لم تتنازل أبداً عن حقها في تطوير النووي.
إضافة إلى الفارق على المستوى الشكلي، ثمة فارق تاريخي عميق بين إسرائيل وإيران. إسرائيل بدأت ببرنامجها النووي في عالم لم يكن فيه بعد معايير دولية واضحة ضد الاحتفاظ بسلاح نووي. وعندما استكملت إسرائيل، بحسب مصادر صحفية خارجية، مرحلة البحث والتطوير النووي الخاص بها، عام 1966، لم تكن معاهدة حظر انتشار السلاح النووي قد استكملت. فلو قررت إسرائيل حينها استخدام خيارها النووي، وعدم اختيار سياسة التعتيم، لكانت مكانتها النووية الآن غير مختلفة عن مكانة الدول الخمس النووية المعروفة.
إضافة إلى هذه الفروقات، ثمة فارق عميق بين الدولتين على المستوى الوجودي. فإسرائيل بدأت، بحسب تقارير أجنبية، تطوير خيار "شمشون" الخاص بها في الخمسينيات، من خلال إقامتها وطناً للشعب الذي كان لاجئاً، في محيط جيوسياسي معاد عارض أصل وجودها. وهي وجدت نفسها مضطرة لايجاد بوليصة تأمين وجودية ضمن حدود ما قبل 1967، من دون ضمانات خارجية لوجودها. بالمقابل، إيران لا تتعرض لخطر وجودي، كما أن طموحاتها النووية تضعها على مسار المواجهة مع العالم.
من وجهة نظر إسرائيلية، من الممنوع إبقاء دعوى الكيل بمكيالين من دون رد، إلا أن إسرائيل الرسمية تجد صعوبة بالرد على هذه الدعوى: لماذا مسموح لها ما هو ممنوع على إيران. إسرائيل الرسمية تجد صعوبة في القول للعالم أن حقها النووي لا يقل عن حق فرنسا أو الهند، وسبب ذلك يكمن في سياسة الضبابية التي انتهجتها بنفسها، وهي سياسة مقيدة لا تسمح بتوضيح مكانتها النووية.
إن الحاجة إلى مواجهة النووي الإيراني يعزز الإدراك بأن الوقت قد حان لأن تجد إسرائيل سبلاً أكثر ذكاء لتوضيح مكانتها النووية.