يرى نواب في تحالف الاكثرية ان النظام السوري يحاول استباق نتائج التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري بتنفيذ خطة لاحداث تغيير في لبنان بواسطة حلفائه بهدف اعادة الوضع الى ما كان عليه قبل 14 آذار، وعندها يأخذ التحقيق منحى آخر، ويتأكد قول الرئيس بشار الاسد ان الحالة السائدة في لبنان هي "حالة عابرة".

ويضيف هؤلاء النواب ان سوريا تستغل فترة الوقت الضائع بالنسبة الى التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وبالنسبة الى السلطة المنقسمة على نفسها بين سلطة تمثل قوى 14 آذار وسلطة تمثل قوى 8 آذار بحيث باتت مؤسسات الدولة شبه مشلولة من جراء هذا الانقسام وتعذر اتخاذ قرارات موحدة، كما انها تستغل انشغال الولايات المتحدة الاميركية بالوضع في العراق وفي ايران وتراجع الضغط عليها وانتظار المجتمع الدولي الراعي للوضع في لبنان نتائج التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري ليتخذ القرار اللازم لتعجل في توجيه ضربات متتالية للاستقرار في لبنان علّ عودتها سياسيا الى لبنان تصبح امرا لامفر منه لتوفير الامن والاستقرار وافهام الولايات المتحدة الاميركية ان سوريا هي التي تستطيع تنفيذ ما تبقى من القرار 1559 سواء، بالنسبة الى تقرير مصير الرئيس لحود او بالنسبة الى تقرير مصير سلاح حزب الله وسلاح الفلسطينيين.

وقد بدأت محاولة زعزعة الامن بزرع المتفجرات في المناطق المسيحية علَّ ذلك يحدث فتنة بين اللبنانيين، وقد ادى عدم التوصل الى معرفة المسؤولين عن هذه التفجيرات الى مواصلة العبث بأمن البلاد، باللجوء الى الاغتيالات بغية اضعاف الجبهة المناهضة لسوريا واسكات الاصوات العالية لا سيما صوت جبران تويني، ولم يكن رد من تبقى في لبنان من حلفاء سوريا على ذلك، سوى المطالبة باستقالة الحكومة على امل ان تخلفها حكومة جديدة تكون الاكثرية فيها موالية لسوريا او تحدث ازمة حكم اذا تعذر تشكيلها، لا خروج منها الا بحل يرضي النظام السوري.

وعندما استمرت الحكومة رغم التفجيرات والاغتيالات، حصلت مقاطعة وزراء "التحالف الشيعي" التي وان لم تؤد الى استقالة الحكومة، فانها ادت الى شلها وتحويلها حكومة تصريف اعمال، ومع اقتراب موعد صدور اول تقرير لرئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج برامرتس، كانت الهجمة الكبرى على الوضع الامني بواسطة عناصر اندست في تظاهرة الاحتجاج على الاساءة الى النبي محمد في صحيفة دانماركية وراحت تحطم سيارات وتعتدي على الممتلكات العامة والخاصة وعلى اماكن عبادة للمسيحيين بقصد اثارة الفتنة واسقاط الحكومة كمرحلة اولى من مراحل تغيير "الحالة العابرة" في لبنان التي اوجدتها قوى 14 آذار انطلاقا من حمل القوات السورية على الانسحاب.

اما الرهان على احداث التغيير والعودة الى ما كان عليه الوضع قبل 14 آذار فهو بلجوء قوى الامن والجيش الى قمع التظاهرة فيقع عندئذ قتلى وجرحى أو أن يتصدى بعض اهالي المناطق المسيحية في بيروت للمعتدين على ممتلكاتهم فيقع قتلى وجرحى وعندها تشتعل الفتنة بين اللبنانيين وتسقط الحكومة ولا يعود رأس وزير الداخلية وحده كافيا للتهدئة وعندها يبدأ تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة وهي تشكيل حكومة جديدة تكون الاكثرية فيها موالية لسوريا ايا يكن شكلها، وهذه الحكومة تعد لاجراء انتخابات نيابية مبكرة على اساس قانون جديد تؤمن تقسيمات الدوائر فيه اكثرية نيابية تنتخب رئيسا للجمهورية مواليا لسوريا سواء قبل انتهاء ولاية الرئيس لحود او بعد نهايتها، وعندها يأخذ التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري وفي كل تحقيق حول اعمال الشغب منحى آخر، ويفرج عن الضباط الاربعة الموقوفين بتهمة اغتيال الرئيس الحريري، وتتوقف الملاحقات في جرائم الاغتيالات لتصبح من الماضي...

كما تتوقف الضغوط الاميركية والفرنسية والمجتمع الدولي على سوريا بداعي ان ولاية الرئيس شيراك تكون قد شارفت نهايتها والادارة الاميركية تصبح منشغلة في الانتخابات الرئاسية.

والسؤال المطروح هو: لماذا وصلت البلاد الى هذا الوضع الامني الهش، والى شبه شلل في السلطة ومؤسساتها، وما العمل للحؤول دون تمكين النظام السوري من تنفيذ خطة عودة هيمنتها الى لبنان بواسطة من تبقى من حلفائها ومحاولة ضم قوى اخرى اليهم.

يجيب وزير من تحالف الاكثرية على ذلك بالآتي:

اولا: ان المجتمع الدولي الذي يرعى الوضع في لبنان اخطأ في اعتقاده ان الاكثرية النيابية التي تأتي بها الانتخابات هي التي تحكم كما هي الحال في الدول الديموقراطية، ولكن فاتها معرفة ان الديموقراطية في لبنان هي ديموقراطية توافقية نظرا الى التركيبة الطوائفية فيه وانه بمجرد انسحاب طائفة من السلطة، لأي سبب من الاسباب تتعطل عجلة الحكم وتفرض معاودة تحريكها ايجاد حل تتوافق عليه كل الطوائف.

ثانيا: ان قوى 14 آذار حققت نصف انتصار ونصف تغيير في الوضع الذي كان سائدا في البلاد، ولم تتمكن من تحقيق انتصار كامل لاسباب شتى، لكي تصبح السلطة واحدة تحكم بفريق عمل واحد منسجم ومتجانس وقادر على اتخاذ القرارات.

ثالثا: ان الخروج من الوضع الشاذ يتطلب احد امرين: اما اجراء انتخابات رئاسية مبكرة تأتي برئيس منسجم مع حالة التغيير التي احدثتها قوى 14 آذار، واما العمل على تغيير سلوك النظام السوري حيال لبنان.

ويأمل الوزير اياه في ان تكون نتائج التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري اسرع من محاولات اجهاض التغيير الذي احدثته قوى14 آذار، واسرع من تكرار ما حصل في التظاهرة الاخيرة وربما على نحو اشد خطرا.