نزار صباغ

تكاد تذهلني أحياناً ، تلك " المصادر المطلعة " أو " المصادر الموثوقة " التي تنتشر بعض الأخبار (!) عن طريقها ، وبطريقة توحي وكأنها – المصادر - طاهرة وبريئة براءة الذئب من دم ...... ( كي لا يعتبره أحد تأويلاً ) .
ثم ، ويا للمفاجأة .... لا تكون الوقائع التي تحصل بعد "الخبر" صحيحة .
وتكاد تذهلني أحياناً أخرى تلك المصادر ذاتها عندما تورَد بعض الأخبار بواسطتها وكأنها كانت ضمن الحدث صانع الخبر ، وأيضاً بطريقة توحي أنها بريئة .. إلخ .
ثم ويا للمفاجأة ، تكون المجريات والوقائع وما حصل – وقد يكون بأيام – بعد تسريب "الخبر" ... صحيحاً .

يمكن إدراج كلا الحالتان تحت غاية محددة من قبل الجهات صاحبة العلاقة ، وتتلخص بمعرفة ردود الأفعال عن التسريبات التي أوردتها "المصادر" إياها ، من علامات استغراب أو تفاجؤ أو استنكار أو استهجان أو فرح أو بغض أو كره أو لا مبالاة ... أو حتى تحركات لا إرادية في العيون ...إلى آخر ما هنالك من تعابير إنسانية لا شعورية يمكن لأصحاب العلاقة الخبراء التأكد من خلالها عن صدق أو كذب ما يورده المواطن العادي من تعابير كلامية .

لكن ما يذهلني فعلاً هو الإصرار على موضوع أو فكرة معينة ، رغم التأكد من ردود الأفعال حولها ، والتطابق الصادق في التعابير الإنسانية اللاشعورية مع التعابير الكلامية .

وعلى سبيل المثال فقد ورد ضمن موقع "سيريا نيوز" وتحديداً على الرابط :
http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=21577 وضمن حقل الأخبار السياسية ، العنوان التالي :

حزب البعث يقترح مشروعا آخرا لقانون الأحزاب
اشترط الحفاظ على مبادئ ثورة 8 آذار وعدم معاداتها واقترح تشكيل هيئة عليا لشؤون الأحزاب
" علمت "سيريا نيوز" أن القيادة السياسية أصبح أمامها مشروعين مقترحين لقانون الأحزاب الأول كان قدمه الأمناء العامون لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية قبل أشهر والآخر قدمته "لجنة مشكلة من قبل الشعبة الحزبية البرلمانية (البعثية)" رأسها عبد القادر قدورة وقررها الدكتور ناصر عبيد الناصر."
( ثم فقرة ثانية ) .. ويتبعها :
"وبحسب نص المشروع "البعثي" المقترح الذي اطلعت عليه "سيريا نيوز" فإن اللجنة "البعثية المكونة من 22 عضو برلماني قدمت "مقترحات أولية حول مشروع قانون الأحزاب" في 24/1/2005 للقيادة القطرية جاءت في 11 صفحة A4 بعد أن اطلعت على ملخص لقوانين الأحزاب في بعض الدول الشقيقة والصديقة وعلى قانون الأحزاب في سوريا لعام 1953 الملغى وفي ضوء توصيات المؤتمر القطري العاشر للحزب الحاكم بعد مناقشة ورقة مشروع قانون الأحزاب المقترح.
( ثم فقرة رابعة ) ... ويتبعها :
ومما اشترطه المشروع البعثي على الحزب المؤسس ................................ واشترط أيضا على الأحزاب السياسية"الحفاظ على مبادئ ثورة الثامن من آذار عام 1963" "
ثم باقي " الخبر" .......
......................................

لقد كان الخلود حلماً قديماً قدم التاريخ ، ومنه كان البحث عن "أكسير الشباب" ويقال أن لأجله كان البدء بعلم "الكيمياء" – لا لتحويل المعدن إلى ذهب لأن النهب والغزو موجود منذ بدء التاريخ - ، ولتحقيقه بدأ البحث في أسرار الحياة التي تعمقت وازدادت تطوراً في القرن العشرين وصولاً إلى الاستنساخ .
وقد بُدء كما هو معروف بالحيوان مع تصاعد الاعتراضات في تطبيقه على الإنسان – رغم الاختراقات - .

لدينا كل شيء ، طرقات ومدارس ، بنايات وبيوت وأكواخ وفيلات ، بحر وشاليهات ، سهول وجبال ، مصانع ومزارع ، هواء وماء ، هررة وكلاب ، سدود وجسور وأنفاق ، معارضة وموالاة ، تاريخ وحاضر ، أغنام وأبقار وأرانب ، وغيره الكثير مثل جميع دول العالم .... لكننا نتفوق عليهم بتفاخرنا وبتقديسنا التاريخ الذي صنعناه في الكتب والذي أحفظناه لأجيال المستقبل من جانب ، كما بالأحزاب السياسية وبخاصة من هي ثابتة منها على مواقفها التاريخية والتي لا تزال تناضل بكل إصرار لتحقيق أهدافها رغم كل المؤامرات الامبريالية العالمية، من الجانب الآخر ...
وبما أن من ضمن المشروع المشار إليه "الحفاظ على مبادئ ثورة الثامن من آذار عام 1963" فإني أقترح العمل سريعاً بطريقة يمكن بنتيجتها نيل قصب السبق من العالم جميعه ، باستنساخ السيد "قدورة" وتسميته من قبل الحزب الحاكم - باعتباره القائد "للجبهة الوطنية التقدمية" - رئيساً لعموم الأحزاب التي سيتم الترخيص لها بموجب "قانون الأحزاب" الجديد ، ولا يهم حينها تسمية الأحزاب الجيدة مهما كانت ( البعث 1 – البعث 2 – البعث 3 - ... )
وبذلك نتفوق على العالم كله مجدداً باكتشافنا الطريقة الصحيحة للاستنساخ ونطلق عليه التسمية العربية " أكسير الشباب"، إضافة لكل ما نتفاخر به ....
وكملاحظة ، يتوجب التنبيه إلى ضرورة العمل سريعاً في حال قبول الاقتراح ، ذلك قبل أن يتم استنساخ السيد "كاسترو" في كوبا ...
..................
ويقال أنه يا سادة يا كرام ، وفي سالف الأيام ، كان هناك رجل ثري شعر بقرب نهاية حياته ، فاستدعى أولاده جميعا ، وطلب من أكبرهم ( وبالطبع فإنهم كانوا يعتمدون في سالف الأيام على القوة البدنية بشكل شبه مطلق ) إحضار عصاة ثخينة وكسرها أمام الجميع .. فكسرها .
طلب منه إحضار عصاتين ثخينتين ومحاولة كسرهما ... فكسرهما .
طلب منه إحضار خمسة ومحاولة كسرهم ... فكسرهم .
طلب منه إحضار ثمانية ومحاولة كسرهم ... فكسرهم .
طلب منه إحضار عشرة ومحاولة كسرهم ... فكسرهم .
فصاح الأب : كيف أستطيع إفهام "..." أن الاتحاد قوة ....... !! .