رأيت في البحرين الرئيس الاميركي السابق بيل كلنتون. وقبل سنوات أمضيت في المنامة سحابة نهار برفقة المسز ثاتشر الزائرة.

وفي دبي يلقي كلنتون الخطب في المؤتمرات الاقتصادية. ويتقاعد المسؤولون الأميركيون والبريطانيون من اجل أن يجنوا المال الذي يفتقرون إليه. ففي السلطة يجنون الشهرة، وخارجها يقطفون ثمارها. ويتقاضى كلنتون مائة ألف دولار عن المحاضرة التي يلقيها. ومنذ أسابيع تقاعد حاكم البنك المركزي آلان غرينسبان، الذي كانت كلمة منه ترفع الأسواق وإشارة تخفضها. وتلقى عن أول محاضرة 25 ألف استرليني. أما صاحب العمارات الطويلة دونالد ترامب فيتقاضى 25 ألف دولار عن كل دقيقة حكي.

ويقال إن جون ميجور رئيس وزراء بريطانيا السابق جمع نحو 10 ملايين استرليني بعد خروجه من داوننغ ستريت، من الكتب والمحاضرات. وصديقته السابقة إدوينا كاري التي كانت وزيرة للصحة في حكومة صاحبة الجلالة، لم تجمع من كتبها نصف هذه القيمة، رغم الأسلوب الفاضح الذي تعتمده في الوشي بأصدقائها السابقين.

هناك في الغرب الأنكلوسكسوني صناعة اسمها المحاضرات. وهي حقل واسع يعيش منه المحترفون والهواة والمسؤولون المتقاعدون على السواء. وقد التقيت مرة أمين معلوف في مطار مونتريال، فسألته فأخبرني أنه في جولة للترويج لكتابه الأخير. وتدعو دور النشر المؤلفين من جميع الاختصاصات للتحدث عن مؤلفاتهم.

وتقوم عزيزتنا مي شخاشير بسيسو في جولة على الولايات الأميركية لتقدم كتابها عن الطبخ العربي الصادر عن دار «هاربر كولنز». ولقي الكتاب ترحيبا في كل الصحف الكبرى، خصوصا «النيويورك تايمس»، لكن الناشر يعتقد أن أسلوب «المحاضرة» هو الأكثر فعالية في عقول الأميركيين.

الرقابة والمحاسبة تمنعان المسؤول الغربي، بعكس الشرقي، من الإثراء وهو في السلطة. وخرج كلنتون من البيت الأبيض وهو مدين للمحامين في قضايا التحرش بالبشعات والسمينات، بأكثر من 6 ملايين دولار. بعكس رؤساء فرنسا مثلا. فقد كان الحسن الثاني يصف زوجة فرنسوا ميتران بـ«الجمجمة». لكن ميتران نفسه كان يقيم علاقة سرية مع السيدة «أم مازارين». وسلفه جيسكار ديستان، كان يغادر قصر الإليزيه الى شارع ريفولي تحت جنح الظلام، كما في العصور الوسطى وأيام الفرسان الثلاثة الذين أرخ لهم ألكسندر دوما. والصدف أن ثمة دماء إسلامية أفريقية في اثنين من أشهر أدباء فرنسا: ألكسندر دوما وكوليت. والشيء نفسه يقال عن كبير شعراء روسيا، ألكسندر بوشكين.