موسكو وباريس تخرقان الحظر على حماس
السفير
أثارت روسيا وفرنسا غضب إسرائيل والولايات المتحدة في أعقاب الشرخ الذي أحدثته تصريحات قادتهما في الجبهة الدولية المراد إقامتها ضد حركة حماس. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد فاجأ العالم بإعلانه، امس الاول، أن حماس ليست حركة إرهابية وأنه سيدعو قادتها إلى زيارة موسكو. وتبع ذلك انضمام باريس إلى الموقف الروسي وإعلانها أن موقفاً مماثلاً قد يقود إلى تقدم المفاوضات في الشرق الأوسط. ورحب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بالموقف الروسي معتبراً ان <<عرش النفوذ الاميركي بدأ يهتز>> فيما رأت فيه إسرائيل <<طعنة في الظهر>>.
وحذرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني مما أسمته <<منحدراً خطراً>> يمكن أن يدفع قوى دولية أخرى إلى القبول بحلول وسط مع حماس. وقالت ان الحركة <<منظمة إرهابية ويجب التعامل معها على هذا الأساس. كما أن قرار الرباعية الدولية، وروسيا عضو فيها، يحدد شروطاً مسبقة إذا تمت تلبيتها يمكن للسلطة بقيادة حماس أن تنال الشرعية>>. وأضافت ليفني أن <<الشروط أساسية وأولية ولا يمكن التفاوض حولها وعلى الفلسطينيين تبنيها حرفياً وبشكل واضح>>. وأجرت ليفني اتصالات مكثفة مع العديد من قادة الدول ومسؤوليها، وبينها دول عربية، لدفعهم الى الإصرار على مطالبة حكومة حماس بالاعتراف سلفاً بإسرائيل وبمبدأ الحل السلمي في دولتين متجاورتين.
ولكن وزير التعليم مئير شطريت أعلن أن دعوة روسيا قادة حماس لزيارتها <<فضيحة دولية وطعنة في ظهر إسرائيل لان الهدف منها إعطاء شرعية دولية لمجموعة إرهابية، وعلينا أن نعارضها بكل الوسائل>>. وقال <<ماذا ستقول موسكو في حال وجهنا دعوة الى ممثلي الشيشان لزيارة>> اسرائيل؟ وطالب بإبعاد موسكو <<من أي مفاوضات في الشرق الاوسط>>.
وأقر رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يوفال شتاينتس، بأن الموقف الروسي يشكل تحطيماً للسياسة التي تبلورها إسرائيل إزاء حماس. وقال انه لا ينبغي توجيه اللوم إلى بوتين وإنما الى حكومة ايهود أولمرت.
واشنطن
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية، شون ماكورماك، ان وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس اتصلت بنظيرها الروسي سيرغي لافروف و<<حصلنا على تأكيد بأن الحكومة الروسية اذا عقدت اجتماعاً مع حماس، فسيكون الاجتماع بهدف توجيه الرسالة الواضحة جداً والقوية جداً التي تضمنها بيان الرباعية: على حماس أن تختار وعليها أن تلبي الشروط التي عددتها الرباعية>>. وتابع ماكورماك ان <<الرئيس بوتين أعلن بوضوح أنه يتخذ قراراً سيادياً، لذا لا سبب لدينا للشك في أنه سيتنازل عنه>>.
وكان ماكورماك قد قال امس الاول <<طلبنا توضيحات من الروس حول هذا الموضوع لمعرفة نواياهم الحقيقية وما يخططون له>>، مذكراً بأن موسكو عضو في اللجنة الرباعية التي دعت الاسبوع الماضي حركة حماس الى الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود.
بوتين
وكان بوتين قد قال، خلال زيارته الى مدريد امس الاول، <<استمراراً لاتصالاتنا مع حماس نستعد لدعوة قادة حماس إلى موسكو في المستقبل القريب لإجراء محادثات>> مضيفاً <<لم نعتبر حماس يوماً منظمة إرهابية. واليوم يتعين أن نعترف بأن حماس وصلت إلى السلطة في فلسطين نتيجة لانتخابات شرعية ويتعين علينا احترام اختيار الشعب الفلسطيني>>.
ودافع وزير الدفاع الروسي، سيرغي إيفانوف، أثناء اجتماع حلف الاطلسي في صقلية، عن دعوة بوتين لقادة حماس. وقال ايفانوف، الذي من المقرر أن يلتقي وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز، <<اسمح لنفسي أن أتوقع انه عاجلاً أم آجلاً، سيكون عدد من الدول من بينها (الاطراف) الاربعة في اللجنة الرباعية مؤيداً (إجراء) اتصالات مع حماس>> مضيفاً ان <<حماس وصلت الى الحكم على اثر انتخابات ديموقراطية فعلية>>.
ونسبت وكالة انترفاكس الروسية إلى المبعوث الروسي الخاص الى الشرق الأوسط، ألكسندر كالوغين، قوله <<سندعو إلى تغيير في سياسات حماس خلال الاجتماع مع ممثليهم>> مضيفاً أن اجتماع موسكو مع حماس سيتماشى مع توجه الرباعية الدولية. وشدد على أن <<ما نريده منها هو احترام الاتفاقيات السابقة وألا يكون هناك أي أعمال إرهابية وبالطبع عليها أن تتجه للاعتراف بحق إسرائيل في الوجود>>.
حماس
وقال مشعل <<اذا وجهت لنا الدعوة فسوف نستجيب لها>> مضيفاً <<نقدر الموقف الروسي الشجاع وتصريحات الرئيس بوتين بعد اجتماع اللجنة الرباعية والتي قال فيها انه لا يعتبر حماس حركة إرهابية>>.
وتابع <<عندما تبرز مواقف متميزة في روسيا أو في بعض الدول العربية، فسوف تؤدي الى قدر من التوازن الدولي>>، مضيفاً ان <<عرش النفوذ الاميركي بدأ يهتز مع كثرة المآزق التي تورطت فيها الادارة الاميركية>>. وقال <<اننا لا نقترح إلقاء اسرائيل في البحر، لكن ما نريده هو استعادة الحقوق وإنهاء الاحتلال>>.
وأعلن مشعل أنه ينوي زيارة الاردن، التي كان قد حظر عليه دخولها قبل ست سنوات بعدما طرد من أراضيها مع ثلاثة من أعضاء المكتب السياسي لحماس في تشرين الثاني 1999، ودول في أميركا اللاتينية التي تؤيد القضية الفلسطينية و<<ضاقت ذرعاً بالسياسة الاميركية>>.
باريس
واتسم الموقف الروسي بأهمية إضافية، في أعقاب تأييد فرنسا لموقف موسكو، إذ أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية دوني سيمونو أن <<روسيا لم تتشاور مع شركائها الدوليين بشأن مبادرتها، ولكننا نؤمن بأن المبادرة الجديدة قد تسهم في تحقيق موقفنا>>. وأضاف <<أننا نتشارك مع روسيا هدف دفع حماس نحو مواقف تقود إلى قيام دولتين لشعبين يعيشان بسلام وأمن>>.
وفي أعقاب ردود الفعل الاسرائيلية الغاضبة، عاد سيمونو وقال في مؤتمر صحافي ثان ان <<موقف فرنسا حيال حماس يظل ذلك الذي تم التذكير به طوال الايام الاخيرة>> مضيفاً ان <<أي حل يمر باحترام المبادئ الثلاثة الآتية: الاعتراف بإسرائيل والتخلي عن العنف والاعتراف بالاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، وخصوصا اتفاقات اوسلو>>.