الخليج يوسف كركوتي:

يرى المراقبون السياسيون في دمشق أن التغيير الوزاري الذي أجراه الرئيس الأسد وشمل أربعة عشر منصباً وزارياً من أصل ثلاثة وثلاثين قد جاء متأخراً لأكثر من ستة أشهر عن التوقعات التي كانت تقدر بأن يجري هذا التغيير بعد المؤتمر العام لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم الذي انعقد في مطلع يونيو/حزيران 2005.

ويُرجع المراقبون سبب التأخير إلى عاملين اثنين الأول حسم المراسيم والقرارات اللازمة لوضعها على طريق التنفيذ ربطاً بأولويات الخطة العشرية القادمة، والثاني الخشية من أن يحدث التغيير في المناصب السيادية التباساً يُفهم منه مقدمة لتغيرات في المواقف السياسية السورية على ضوء الأزمة التي كانت مستفحلة بين سوريا ولجنة التحقيق الدولية الخاصة باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري.

ويجمع المراقبون على أن الإبقاء على الفريق الاقتصادي حسم وبشكل نهائي مسألة التوجهات والسياسات الاقتصادية التي كرست في السنوات الأربع الأخيرة وما رافقها من حديث عن عدم وجود انسجام بين أعضاء الفريق الذي يتولى التخطيط لها والعمل على تنفيذها.

ويضاف إلى ذلك فإن تعيين فاروق الشرع نائباً لرئيس الجمهورية مفوضاً بملفي الخارجية والإعلام وتعيين وليد المعلم وزيراً للخارجية وفيصل المقداد نائباً له يُفهم منه استمرار النهج السياسي السابق مع ملاحظة أن هذا الفريق الثلاثي برئاسة الشرع وبتوجيهات مباشرة من الرئيس الأسد سيمسك بأهم الملفات في المرحلة المقبلة على ضوء عدة معطيات ومؤشرات نذكر منها ما ستفضي إليه الانتخابات “الإسرائيلية” في الثامن والعشرين من شهر آذار / مارس المقبل، وتصاعد الحديث عن أن الحكومة “الإسرائيلية” المقبلة بالتحالف بين “كاديما” و”العمل” ستضع في أولوياتها إعادة إحياء العملية السياسية والتفاوضية على المسار الفلسطيني وعلى المسارات الأخرى وفي مقدمتها المسار السوري، وهنا تكمن أهمية تولي وليد المعلم لوزارة الخارجية وتعيين المقداد نائباً له لما لهما من خبرة كبيرة في إدارة العملية التفاوضية، ولما يتمتعان به من قدرات براغماتية عالية تتيح حرية حركة واسعة مع الحفاظ على الثوابت السورية من حيث الجوهر.

ويضاف إلى ما سبق فإن المرحلة المقبلة ستشهد دوراً سورياً نشطاً على الصعيد العربي مع توقع حلول قوات عربية محل قوات الاحتلال الأجنبي في العراق، مع شبه المؤكد بأن تكون القوات السورية ركيزة أساسية لهذه القوات.

لكن بعض المراقبين السياسيين يتساءلون عن السياسة التي ستنتهجها هذه الحكومة حيال الملفات الداخلية السورية، خصوصاً ما يتعلق منها بشأن توسيع الحريات العامة وتشريع العمل الحزبي والفصل بين مؤسسات الدولة والحزب الحاكم وإبقاء دور الحزب في الإطار التوجيهي العام، وتحديث الإعلام وإفساح المجال أمام الإعلام الخاص حيث انه حتى الآن لا توجد سوى مجلة سياسية مستقلة واحدة هي مجلة “أبيض وأسود”، وباقي التراخيص التي منحت من وزارة الإعلام خلال الأعوام الماضية كانت لمجلات اجتماعية وفنية واقتصادية، ولم يصدر بعد قانون ينظم العمل الإلكتروني.