وراسموسن لا يعتذر ويلتقي "مسلمين ديموقراطيين"
النهار

مع التصعيد الذي بلغته أزمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة إلى النبي محمد بسحب حكومة الدانمارك سفراءها في سوريا وايران واندونيسيا، ورفض ايران الاتهامات الأميركية لها ولسوريا بتأجيج العنف في التظاهرات والتي كررتها امس وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس وانضم إليها رئيس الوزراء الدانماركي اندرس فوغ راسموسن، شددت وزارة الخارجية السعودية على ضرورة اعتذار "الجهات" التي نشرت الرسوم لأنها "جريمة لا تبررها حجة حرية التعبير".

وصرح فوغ راسموسن في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الاميركية للتلفزيون بأن "بعض الدول استفاد من الوضع لصرف النظر عن مشاكله الخاصة مع المجتمع الدولي، بما فيها سوريا وايران... باتت الدانمارك هدف احباط نتيجة مشاكل تجاوزت سببها الاصلي". وأضاف ان رايس "على حق" في الإشارة إلى دور سوريا وايران، مكرراً تمسكه برفض الاعتذار عن نشر الرسوم لأن "لا الحكومة ولا الشعب الدانماركي يمكن ان يكونا مسؤولين عما نشرته صحيفة حرة ومستقلة. أريد ان اكون واضحاً انه لا الحكومة الدانماركية ولا الشعب الدانماركي كانت لهما النية لشتم المسلمين في العالم". واكد: " اننا نريد الحوار مع العالم الاسلامي".

وكان رئيس الوزراء التقى السبت ممثلين لجمعية اسلامية أنشئت قبل أسبوع تحمل اسم "المسلمون الديموقراطيون"، ودعا إلى اجتماع آخر اليوم للبحث في الازمة التي سببها نشر الرسوم في صحيفة "يولاندس بوستن" قبل انتقالها إلى باقي أوروبا. وأفاد مكتبه ان "هدف هذا الاجتماع هو اقامة حوار مع الدانماركيين من الطائفة الاسلامية في شأن الوضع الراهن وسياسة الاستيعاب في البلاد".

واوضح احد مؤسسي الجمعية فتحي العبد ان "هدفنا هو ان نظهر ان هناك الكثير من المسلمين في الدانمارك الذين يشعرون بالحزن لأن بلدهم صار موضع ادانة في الخارج ويسعون الى الحوار وليس الى المواجهة". وقال ان "الاسلام والديموقراطية لا يتعارضان"، و"من الضروري إيجاد قوة مضادة لبعض الزعماء الدينيين الذين يعرقلون جهود الاندماج التي تبذل في المملكة".

وأفاد العبد، وهو نائب رئيس جمعية الصداقة الفلسطينية - الدانماركية، ان جمعية "المسلمين الديموقراطيين" تضم نحو 700 عضو، وهي تحظى بدعم دانماركيين من طوائف اخرى "لاصلاح الاضرار" التي لحقت بالدانمارك. واضاف: "نريد كشف الحقيقة، وان نقول ان الناس لا يحرقون المصحف في شوارع الدانمارك كما يروج البعض لان مجموعة دانماركية من اليمين المتطرف وجهت رسائل عبر الهاتف المحمول تدعو فيها الى القيام بهذا العمل... نريد ان نؤكد أيضاً ان الدانمارك ليست عنصرية ولا معادية للاسلام كما يحاول ان يروج البعض"، في اشارة الى وفدين من أئمة دانماركيين زاروا مصر ولبنان في كانون الاول 2005 للحصول على دعم السلطات الدينية في البلدين لادانة الجو المعادي للمسلمين في الدانمارك.

ويتهم سياسيون في الدانمارك الامام احمد ابو لبن بأنه احد محركي التظاهرات في العالم الإسلامي. وتحظى خطبه في مسجد دورتيفاج الذي كان مصنعاً قديماً في كوبنهاغن، بمتابعة إعلامية كثيفة في البلاد. وهو مقرب من "الاخوان المسلمين" ويقيم في الدانمارك منذ عام 1984. وقد صرح أخيراً: "حين ذهبنا الى الشرق الاوسط، لم نطلب قيام ائتلاف دولي لاحتلال الدانمارك... (بل ذهبنا) للقاء سياسيين ودوائر دينية معترف بها في الشرق الاوسط لانه لم يلتفت إلى نداءاتنا في الدانمارك".

ونشرت صحيفة "ستار" الماليزية ان وزير الخارجية الدانماركي بير ستيغ مولر طلب مساعدة نظيره الماليزي سيد حامد البار في إنهاء أزمة الرسوم.

وأسف وزير الخارجية الاندونيسي حسن ويراويدا لقرار سحب الديبلوماسيين الدانماركيين الذي وصفه بأنه "متسرع".

اتهامات رايس

وقالت رايس لشبكة "اي بي سي" الأميركية التلفزيونية :"من المؤكد أنه اذا لم تتصرف الحكومات بطريقة مسؤولة، قد نواجه إحساساً بالغضب خارجاً عن السيطرة".

وهي كانت اتهمت الاربعاء النظامين السوري والايراني باستغلال الجدل القائم حول نشر الرسوم لتأجيج الكراهية للغرب. ورداً على تصريحات الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الذي نفى ان تكون ثمة دلائل على تورط دمشق وطهران في التحريض على العنف، قالت "ان السوريين يسيطرون كلياً على تجمعهم، والايرانيون اكثر منهم... من المعروف ان ايران وسوريا ترسلان متظاهرين الى الشارع عندما تريدان قول شيء ما. الكل يدرك ذلك في ما يتعلق بالمجتمعات التوتاليتارية". وأضافت :"كنت افضل ان اسمع الحكومة الايرانية مثلاً تدعو السكان الى عدم اللجوء الى العنف بدل التهديد بنشر رسوم كاريكاتورية عن محرقة اليهود. هذا كان شكل رداً مسؤولاً".

وقبل ذلك، وصف الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي الاتهامات الاميركية بأنها "رد فعل طبيعي"، داعياً "المسؤولين الأميركيين والدانماركيين إلى الاعتذار".

وفي إطار الجدل حول الحد الفاصل بين حرية التعبير واحترام الأديان، دعت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي الى مزيد من الاحترام للمسلمين، مع التأكيد ان "حرية التعبير وحرية الصحافة هما كنز ثمين".

السعودية

وفي المقابل، اصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانا جاء فيه أن "الإساءة الى النبي جريمة لا تبررها حجة حرية التعبير، لأن حرية التعبير تعني المسؤولية ولا يمكن أن تستخدم كذريعة لتبرير الإساءة إلى المقدسات والمشاعر الدينية". وقالت ان الرسوم "لا تنطوي على رأي أو فكر، بل هي مجرد إهانات وتطاول لا معنى له على شخص الرسول عليه الصلاة والسلام وتمثل إساءة بالغة الى اكثر من مليار مسلم". وأضافت ان "المواثيق والأعراف الدولية وثقافة العصر تدعو الى احترام المعتقدات والمقدسات الدينية وتجنيبها كل ما يعرضها للاحتقار والازدراء، لان ذلك يمثل شرطاً ضرورياً للتعايش السلمي والتفاعل الايجابي بين الشعوب والحضارات والأديان المختلفة في العالم". وناشدت "أجهزة الإعلام في كل الدول الامتناع عن نشر ما يسيء الى المعتقدات والمقدسات الدينية والاعتذار الصريح للمسلمين عما قامت به ولما لحق بهم من إساءة وأذى".

احتجاجات

وأصيب ثلاثة فلسطينيين خلال مواجهات عنيفة مع القوات الاسرائيلية في الشارع الرئيسي بين مدينتي قلقيلية ونابلس شمال الضفة الغربية، وذلك على خلفية كتابة مستوطنين يهود إساءات الى النبي على جدار مسجد فى قرية النبي الياس بقلقيلية. ورشق شبان فلسطينيون سيارات المستوطنين بالحجارة، مما أدى إلى اصابة امرأة يهودية. ورد الجنود الاسرائيليون بإطلاق الرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع.

وندد قاضى قضاة فلسطين الشيخ تيسير رجب التميمي كتابة شعارات بالعبرية تسيء إلى النبي والإسلام والمسلمين.

وتظاهر 50 ألفاً من الاتراك في ديار بكر في جنوب شرق البلاد، ورشق آخرون القنصلية الفرنسية بالحجار في اسطنبول.

وألغيت تظاهرة في العاصمة البوسنية ساراييفو لعدم حصول منظميها على موافقة الشرطة.

واوقفت الشرطة الجزائرية ناشري صحيفتين أعادا نشر الرسوم.