السفير
كشف تقرير لمنظمة <<بتسيلم>> الإسرائيلية لحقوق الإنسان أمس النقاب عن أن الدولة العبرية ضمت فعلياً غور الأردن إلى أراضيها، مشيراً إلى أن إسرائيل انتهجت في هذا القطاع الخصب والواسع من أراضي الضفة الغربية نظاماً خاصاً لعزله وتقييد حركة المواطنين الفلسطينيين، وأن الجيش الإسرائيلي خلق عمليا فصلا كاملا بين غور الأردن وباقي أرجاء الضفة.
وبحسب تحقيق شامل نشرته منظمة <<بتسيلم>>، فإن إسرائيل تمنع دخول الفلسطينيين إلى غور الأردن ولا تسمح بالدخول إلا للمواطنين المقيمين فيه والمسجلة عناوينهم هناك. ورأت المنظمة أن هذا الإجراء ينتهك الحقوق الأساسية لكثير من المواطنين الفلسطينيين.
وأفاد التقرير أن هذا الإجراء يتم من دون اتخاذ قرار رسمي في الحكومة ومن دون إعلان أي موقف رسمي بهذا الشأن. وقد جمع التحقيق إفادات فلسطينيين تبين أن الجيش الإسرائيلي يحظر بشكل تام دخول المواطنين العرب إلى طريق 90 الذي يربط شمالي الغور بجنوبه. كما أنه يحظر على أصحاب الأراضي الفلسطينيين غير المقيمين في المنطقة من الوصول إلى أراضيهم. <<وكنتيجة لإغلاق غور الأردن فقد الكثير من الفلسطينيين الذين يعيشون في قرى مجاورة للغور ويعملون في الزراعة مصدر رزقهم. وليس بوسع الفلسطينيين الذين يعيشون شمالي جيب أريحا استضافة أقاربهم أو أصدقائهم المقيمين في أريحا أو خارج الغور. كما أن النساء اللواتي يتزوجن من سكان الغور وينتقلن للسكن هناك من دون تغيير عنوانهن في بطاقة الهوية لا يستطعن الخروج من المنطقة خشية عدم السماح لهن بالعودة إلى بيوتهن>>.
ويوضح تقرير <<بتسيلم>> أن قوات الاحتلال الإسرائيلية أقامت غربي غور الأردن في السنوات الأخيرة سبعة حواجز عسكرية ثابتة، أربعة منها حول مدينة أريحا، وأن الجيش الإسرائيلي شدد في عام 2005 من القيود المفروضة على الفلسطينيين للمرور عبر هذه الحواجز.
وشدد التقرير على أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ورداً على سؤال من المنظمة، قال إن المرور عبر هذه الحواجز مسموح فقط لسكان المنطقة بعد إظهار بطاقات هويتهم التي تثبت سكنهم فيها. أما الفلسطينيون من غير سكان المنطقة فيحتاجون إلى تصاريح خاصة للمرور بهذه الحواجز.
وبحسب تقرير <<بتسيلم>>، فإن رد الجيش الإسرائيلي يميز بين <<أراضي يهودا والسامرة>> و<<منطقة الغور>>. وأن هذا التمييز يعني أن إسرائيل لا تعتبر المنطقتين وحدة إقليمية واحدة. وقد طلبت المنظمة من المستشار القضائي للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية توضيح أسباب هذا التمييز بين المنطقتين.
ويخلص تقرير <<بتسيلم>> إلى أن <<طبيعة النظام الذي تنتهجه إسرائيل في غور الأردن، بالإضافة إلى تصريحات مسؤولين رفيعي المستوى حول هذه القضية، تشير إلى أن الدافع وراء سياسة إسرائيل هذه ليس أمنيا عسكريا وإنما سياسي: ضم غور الأردن واقعيا إلى أراضيها. وهذا الضم، على شاكلة ضم أراضي كبيرة أخرى واقعيا غربي الجدار الفاصل يشكل انتهاكا فظا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير>>.
تجدر الإشارة إلى أن كل الحكومات الإسرائيلية منذ عدوان عام 1967 رأت في غور الأردن حدودا شرقية للدولة اليهودية، وأنها، ومن أجل تعزيز سيطرتها على الغور، أقامت 26 مستوطنة وخمسة مواقع استيطانية يسكن فيها حوالى سبعة آلاف وخمسمئة مستوطن.