ثلاثة مراسيم أصدرها الرئيس بشار الأسد قضى أولها بتعيين فاروق الشرع نائباً للرئيس، وعدل ثانيها تشكيلة الحكومة، وأصبح بموجب ثالثها مندوب سورية في الأمم المتحدة نائباً لوزير الخارجية. خطوات أقل ما يُقال فيها: إنها تهدف إلى «التغيير من أجل الاستمرار»، استمرارية التوجه السياسي والاقتصادي. لأول مرة في عهده الذي بدأ منذ أكثر من خمس سنوات.. يقوم الرئيس الأسد بتعيين نائباً له، بعد أن أبقى نائبا الرئيس الراحل حافظ الأسد الدكتور زهير مشارقة وعبدالحليم خدام في منصبيهما حتى منتصف العام الماضي بعد انتهاء أعمال المؤتمر القطري العاشر للحزب الحاكم.

في مرسوم تعيين الشرع نائباً لرئيس الجمهورية، من الطبيعي أن يتضمن تفويضاً للنائب الجديد (بمتابعة تنفيذ السياسة الخارجية) لكن اللافت أن المرسوم فوضه أيضاً بمتابعة (تنفيذ السياسة الإعلامية في إطار توجيهات رئيس الجمهورية).

العبارة الأخيرة تجعل من ملف الإعلام تحت أنظار ومتابعة الرئاسة السورية مباشرة، كما أنها تشير إلى إدراك حجم ومخاطر الحملة الإعلامية التي تتعرض لها البلاد نتيجة مواقفها تجاه قضايا مختلفة ليس أقلها دعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية دون أن نتغاضى عن اتهامها بزعزعة أمن واستقرار العراق، عدا عن اتهامها بالضلوع في جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري.

الحكومة السورية الجديدة هي الرابعة التي تشكل في عهد الرئيس بشار الأسد بعد حكومة مصطفى ميرو الثانية المعدلة أواخر عام 2001 التي تلاها في شهر سبتمبر من عام 2003 حكومة محمد ناجي عطري الأولى التي ما لبثت أن عدلت هي الأخرى بعد أقل من عام على تشكيلها حيث شمل التعديل حينها ثماني حقائب وزراية، فيما شمل اليوم أربع عشرة حقيبة.

تعديل حكومي كان مرتقباً ومنتظراً بين لحظة وأخرى، ومع ذلك فليس من الخطأ القول: إن التشكيلة الجديدة لم تكن مفاجئة إلى ذلك الحد الذي يترافق عادة مع أي تغيير وزاري يطول الحكومات.

ابرز ما يميز التعديل بحلته هذه أنه يُكرِس الخط والنهج السياسي للقيادة السورية والتزامها بثوابتها من جهة، ويؤكد من جهة أخرى على ضرورة تحسين الأداء ـ خاصة الاقتصادي منه ـ ودفع وتيرته قدماً باتجاه الأمام، هذا الأداء الذي تلقى مباركة واضحة من القيادة السورية.

ما سبق يؤكده التالي:

رئيس الوزارة ونائبه حافظا على منصبيهما.

الوزارات السيادية لم يشملها التعديل وبقي على رأس عملها وزراء الدفاع والاقتصاد والمالية والعدل وشؤون رئاسة الجمهورية، أما دخول وليد المعلم كوزير للخارجية فلم يكن مفاجئاً فالرجل شغل منصب نائب وزير الخارجية الذي تسلم عبره الوزارة، وبطبيعة الحال فقد انضم وزيراً جديداً للداخلية بحكم وفاة سلفه.

التعديل بقي بعيداً عن وزارات: الإدارة المحلية والبيئة، السياحة، الزراعة، المغتربين، التربية، الري، الصحة، الأوقاف، الشؤون الاجتماعية والعمل.. بينما طال وزارات: التعليم العالي، النفط، الإعلام، الثقافة، الكهرباء، الإسكان والتعمير، النقل، الصناعة، الاتصالات والثقافة، وخمسة من وزراء الدولة.

صورة التشكيلة الجديدة في قمة هرم القيادة السورية جاءت دبلوماسية حيث ضمت في عضويتها خمسة من كبار مسؤولي وزارة الخارجية، فإلى جانب نائب الرئيس فاروق الشرع، ووزير الخارجية وليد المعلم، عُين سفير سورية لدى إسبانيا وزيراً للإعلام، وعُين سفيرها لدى الإمارات وزيراً للثقافة.

عدا عن تعيين السفير السوري في الأمم المتحدة نائباً لوزير الخارجية في خطوة تدل على نية القيادة السورية الإبقاء على المنصب الذي استحدثته نهاية عام 2004.

العلامات الفارقة للحكومة الجديدة تتمثل بدخول الحزب القومي السوري الاجتماعي عبر ممثله عضو مجلس الشعب جوزيف سويد الذي أصبح وزير دولة بعد أقل من عام على دخول الحزب في الجبهة الوطنية التقدمية (الائتلاف الحاكم في البلاد).

هل نُذكَّر ثانية أن هذه الخطوات جاءت كلها في يوم واحد.

إحدى وكالات الأنباء بثت خبر تعيين فاروق الشرع نائباً للرئيس السوري متوقعة تعديلاً وزارياً في غضون ثماني وأربعين ساعة، أخطأت الوكالة، فقد جاء التعديل بعد حوالي الساعة.