نجح فريق 14 آذار في لملمة صفوفه وحشد من حوله حضوراً شعبياً قد يكون تجاوز توقعاته ليوصل بذلك رسالة أراد ايصالها الى الفريق الآخر بأن أكثريته ليست وهمية بالشكل الذي صوره أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
وتوحد خطاب فريق 14 آذار والتقى على قواسم مشتركة في مواجهة "حزب الله" على وجه الخصوص ومن بعده الفريق الموالي لسورية عموماً.
وكانت المفارقة التي حصدها المراقبون بنتيجة الحشد الذي حققه فريق 14 آذار إحياء لذكرى اغتيال الشهيد رفيق الحريري ان هذا الحشد جاء كرد فعل لفعل عاشوراء الذي حشد له "حزب الله" قبل أيام ولو جاء حشد عاشوراء محدوداً لقابلته دعوة محدودة الى ذكرى 14 شباط لكن الذي حصل ان كل طرف اراد الاثبات للآخر قدرته على حشد الشارع من حوله ليكون الجواب على السؤال من الأكثرية ومن الأقلية؟
وكتحليل أول خرج به البعض ان الدعوة للحوار غابت عن خطابات السياسيين بالأمس وقد التقوا على الاصطفاف في مقابل فريق آخر هو "حزب الله" على وجه الخصوص وحلفاء سورية الآخرون وهنا يمكن القول ان المعسكر المعارض لسورية وجه بالأمس رسالة تحدٍ الى معسكر الموالين لها في لبنان، لا سيما ان الحشد الجماهيري الذي حققه فريق 14 آذار أعاد إليه زمام التحكم في قواعد اللعبة السياسية الداخلية، من منطلق القوى متجاوزاً كل ما شملته السنة الماضية من حديث عن تضعضع قواه وتراجع شعبيته.

وهذا الشعور بالغلبة أو القوة سيجعل قواعد الحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري غير متكافئة بل تصعيدية، نتيجة ما تضمنته كلمات عدد من السياسيين لا سيما منها رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط.
وهنا تضع التحليلات الأولية علامات استفهام حول المقصود من التصعيد المتعمد للبعض أمس، فاذا كان تصعيد العام الماضي ركز على خروج السوري فما الذي أرادت الأكثرية تحقيقه اليوم خارج اطار الوفاء للرئيس الشهيد؟ وكيف ستوظف الحشد الجماهيري الذي حققته على المستوى الداخلي وعلى مستوى العلاقة مع سورية؟
وطالما ان هذا الفريق الذي أدلى بدلوه امس في ساحة الشهداء هو اساسي في الحكومة فكيف يمكن تفسير اختلاف خطابه عن الخطاب الحكومي الرسمي الذي تضمنه البيان الوزاري والذي أتى على لسان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في ما يتعلق بالمقاومة وبالعلاقة مع سورية والذي اقترن بخطاب مماثل جاء على لسان سعد الحريري ذاته لدى عودته الى لبنان؟
والى أي مدى يمكن الحديث هنا عن تناقض في خطاب الأكثرية الواحدة ولمن الغلبة في نهاية الأمر؟
والسؤال الآخر المطروح اليوم اذا كان كل خطاب الأمس التقى تقريباً في مواجهة فريق "حزب الله" فإن هذا الفريق هو شريك الآخرين في الحكومة ومجلس النواب فكيف ستكون خطوة مواجهته التالية؟

او بمعنى آخر ما هي الخطوة التالية بعد الذي شهدته ساحة الشهداء؟
واذا كانت الأكثرية نجحت في اثبات انها الأكثرية مجدداً فماذا ستفعل في بلد لا يحكم الا بالتوافق وفق تركيبته الدستورية وتوزيعه النيابي والحكومي؟
بدءاً من اليوم ستتوالى قراءات ما خرجت به ساحة الشهداء من صور مختلفة تخرج من كل منها رسالة بحد ذاتها فقد يقال ان ذكرى اغتيال الحريري بالأمس كرست التحالف السني الماروني على حساب محاولات التحالف الشيعي الماروني، وان تيار المستقبل استعاد المبادرة مجدداً على المستوى السياسي مع عودة النائب سعد الحريري الى لبنان وعلى المستوى الشعبي بالحضور السني الذي تميز في ساحة الشهداء.
وقد تكون صورة شبك أيادي قادة التحالف الدرزي ــ المسيحي ـ السني عرضة لتحليلات كثيرة في المستقبل، لما تحمله من رسائل متعددة الوجوه.
لكن يبقى السؤال الى أين؟
بالأمس كانت ساحة الشهداء وذكرى 14 شباط مع واجب الوفاء لذكرى الرئيس الحريري لكن ماذا لو قابلها حشد في 8 آذار بعد أيام؟ تلاه حشد مماثل في 14 منه؟ فيعيش المواطن حينذاك متنقلاً ما بين حشد وآخر وما بينهما انتظار لجملة استحقاقات خارجية منها تأليف حماس للحكومة وتسلمها زمام السلطة وانعكاسات التغيير الحكومي في سورية والتجاذب الإيراني الدولي ومحلياً نتائج زيارة رئيس الحكومة الى السعودية وما حملته من نتائج لم يكشف النقاب عنها بعد!
كثيرون من الذين علقوا على ما خرجت به تصريحات الأمس قالوا ان الوضع ازداد تعقيداً فماذا ستكون عواقبه!