في ضوء التدهور الجديد في صحة رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون، خصص يوئيل ماركوس مقالته في "هآرتس" لوداع شارون، معتبراً ان حزبه "كاديما" سيحصد فوزاً اكيداً في الانتخابات، ننقل ما جاء فيه:

"الاخبار التي تحدثت عن تدهور فجائي في وضع شارون وانه يواجه خطراً شديداً يتهدد حياته بسبب مشكلات في امعائه، كان لها وقع الصدمة في الدولة. ان محارباً بطلاً مثله كان ينبغي ان يموت في ساحة المعركة او على يد قاتل متطرف بسبب تنازله عن الحلم بأرض اسرائيل الكاملة، او كان يجب أن يلاقي حتفه في عاصفة مثل تلك التي قتل بها رافائيل ايتان. ان الاخبار التي تحدثت عن غيبوبته ووضه الصعب والمستقر ولكن الدقيق ثم الخطر الذي يواجهه الآن بالذات، اي بعد قيامه بأكبر انقلاب تاريخي في حياته، يجعل من حياته مأساة اغريقية.

لقد جر شارون الدولة مرتين داخل العاصفة من اجل اهداف غير متفق عليها. المرة الاولى في حرب لبنان والمرة الثانية في تخليه عن حلم اسرائيل الكاملة وانهاء الاحتلال مقابل تنازلات مؤلمة. لقد اخطأ في لبنان عندما اعتقد ان في امكانه توقيع معاهدة سلام بين الدولتين مع زعيم مسيحي هو بشير الجميل. ما زلت اتذكر شارون وهو يلوح بمسودة اتفاق السلام امام هيئة تحرير الصحف. وفي الحقيقة المسودة لم تكن موقعة ولم تكن ذات اهمية بعد صبرا وشاتيلا واغتيال بشير الجميل. ولكن شارون الذي أبعد عن وزارة الدفاع لم يكن هنا كي يخرجنا من الوحل الذي اغرقنا فيه. مر 18 عاماً من سفك الدماء الى ان تجرأ ايهود باراك على اخراجنا من لبنان في ايار 2000.

واليوم، وبعد قيام شارون بانقلاب تاريخي بتأسيسه حزب "كاديما" الذي يرمي الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي عبر نزاع قاس ومنتظر مع المستوطنين، اذا به يدخل في الغيبوبة. وهو في وضع صعب ولكن مستقر وربما دقيق، ولكنه ما زال على شفير الخطر. والمشكلة انه لم يعد حاضراً في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة الى قيادته.

غالبية الناس تتهم شارون بأنه الأب الروحي لحركة الاستيطان. صحيح ان "حزب العمل" كان المبادر الى الاستيطان في المناطق بذريعة ان المقصود هو استيطان امني في الوقت الذي عمل شارون مؤسس "الليكود" على نشر المستوطنات والمواقع لغايات سياسية ولخلق وقائع على الارض في السيطرة المطلقة على الضفة.

... كقائد لكتيبة 101 انقذ شارون الجيش الاسرائيلي من الجمود العسكري الذي غرق فيه في اعقاب حرب 1948. ومن الخمسينات حتى السبعينات وضع معايير للعمليات الانتقامية والحرب على الارهاب، واعتبر الاب الروحي للنظرية القتالية الهجومية للجيش. لقد كبر على ذلك وفي كل مرحلة كان يعرف لحظة التحول. وتغيرت علاقته مع المستوطنين بعد اعترافه بحدود القوة وبالحاجة الى وضع نهاية للاحتلال. واستجاب حزب "كاديما" لرغبة غالبية الجمهور في التوصل الى تسوية وحصل بذلك على ـتأييد كثيف للتنازل عن حلم اسرائيل الكاملة... ان استراتيجيا شارون صحيحة وأتت في التوقيت الصحيح واستطاعت ان تجذب قلوب غالبية الشعب. حزب "كاديما" سيتقدم الى الامام حتى من دون محركه".