من انتفاضة الى انتفاضة، المطلوب الآن، كما انتهت الانتفاضة الأولى الى خروج القوات السورية، ان تنتهي الانتفاضة الثانية الى خروج لبنان من مأزق الأزمة الدستورية بما سيترجم ارادة الأكثرية الشعبية الواقعية المجتمعة في "ساحة الحرية" في ذكرى 14 شباط.

وإرادة الأكثرية هذه (الحقيقية، لا "الدفترية" كما قيل) هي التعبير عن الشرعية الشعبية التي تلتقي مع رفض الاعتراف، في الشرعية الدولية، بالولاية الثانية التي قررتها للبنان، زوراً وبهتاناً، سلطة غريبة هي غير السلطة المؤهلة لتمثيل السيادة الوطنية اللبنانية، وفرضتها بالقوة على المؤسسات الدستورية، فكان "الزلزال" الذي تحرك في تشرين 2004 مع محاولة اغتيال مروان حماده، ثم تفجر في 14 شباط 2005، مع العمل الارهابي الوحشي الذي أودى بالشهيدين رفيق الحريري وباسل فليحان وسائر شهداء ذلك اليوم الاسود العظيم، واستمر في مسلسل التفجيرات والاغتيالات وصولا الى استشهاد جبران تويني، صاحب "قسم الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين"... وكأن الذي كان مطلوباً هو ان نلغي الايمان بهذه الوحدة التي تغلّبت على "الاحد الاسود" ومشروع فتنة 5 شباط!

وقد تجلّت هذه الوحدة في الانتفاضة الثانية أمس، وكأنها تقول لنا، مع "الصراخ المليوني" تكراراً، ان "صوت الشعب من صوت الله"!!

والآن ماذا؟

نكرر أن المطلوب أمر بسيط هو الخروج من مأزق اللاشرعية بما يعيد الى الوطن والدولة سلامة الحكم وصحته والتناسق الدستوري بين المؤسسات. وهو أمر لا خلاف على أنه في متناول مجلس النواب لكونه السلطة الدستورية التي تجسّد السيادة الوطنية، سيادة الارادة الشعبية.

المطلوب أن "يقوّم" مجلس النواب الشرعية اللبنانية التي قهرتها إرادة غير لبنانية، فجاءت مجالس الشرعية الدولية تسحب منها الاعتراف الذي يخوّلها ممارسة الحكم.

من ساحة الحرية... الى استعادة الحرية السليبة للمؤسسات المقهورة، بتنفيذ مطلب الارادة الشعبية الواقعية... التي هي، في التاريخ الديمقراطي، من "إرادة الله" وشرعية قوانينه.

فهل ننتظر طويلاً ، أسرى في المأزق، أم نكسر نهائياً طوق الاستبداد بـ"استقالة" المسؤول عنه؟