يدعيوت أحرونوت

شاؤول أريئيلي
(عقيد احتياط، عضو مجلس السلام والأمن)

خط الحدود الشرقية لدولة اسرائيل يرافق ويروي قصة النزاع كله. فتصريحات قادة الأحزاب الكبيرة عشية الانتخابات للكنيست التي تتناول مستقبل غور الأردن وصحراء يهوداه والخطط التي تُنفذ على الأرض لبناء الجدار الغربي ولفصل غور الأردن عن نسيج الحياة الفلسطيني في منطقة ظهر الجبل، تدفع بالمأساة والحماقة إلى ذُرى جديدة.
في العام 1992 حدد البريطانيون الحدود الشرقية لفلسطين ـ أرض اسرائيل، وصادقت عصبة الأمم على هذه الحدود التي كانت بطول 501 كلم من خليج إيلات حتى اليرموك. بيد أن الصراع العنيف بين الحركتين القوميتين ـ الصهيونية والعربية ـ الفلسطينية ـ أوصل دولة اسرائيل في العام 1949 مع نهاية حرب الاستقلال التي فُرضت عليها واتفاقات رودوس في أعقابها، إلى حدود مع المملكة الأردنية بطول 624 كلم، من بينها 313 كلم هي طول الخط الأخضر. هذه الحدود لم تتحدد وفقاً للعناصر المادية ـ الجغرافية أو الاجتماعية. وهي فصلت 71 قرية فلسطينية عن أراضيها وبالعكس، وحولت العاصمة الإسرائيلية ـ القدس ـ إلى مدينة أطراف.
الجدار الفاصل الذي فُرض على حكومة شارون بسبب العمليات الارهابية، هدف إلى فصل الحد الأقصى من الاسرائيلييين عن الفلسطينيين. ومن دون أي مراعاة للانعكاسات الاجتماعية، البيئية، الاقتصادية والأمنية على المجتمع الاسرائيلي والفلسطيني، يحاول مسار الجدار ضم كل مستوطنة ممكنة، وإخراج كل قرية فلسطينية وبالتالي تمدد الجدار على طول مسافة مذهلة تبلغ نحو 759 كلم في الضفة الغربية.
وبالإجمال يدور الحديث عن حدود شرقية بطول 1050 كلم.
إن تصريحات أولمرت، نتنياهو وموفاز بأن غور الأردن سيبقى تحت السيادة الاسرائيلية وفق أي تسوية دائمة، تتماشى جيداً مع الجهد الاسرائيلي لفصل الغور عن المجال الحيوي الفلسطيني بواسطة شبكة حواجز وطرقات وفصل. ولن يكون بعيداً اليوم الذي سيعود فيه العنف ليتصاعد، ومن ثم ليطالب نتنياهو باستكمال الجدار الشرقي الذي سيحمي مستوطنات غور الأردن وطريق ألون. وعندها يمكن توقع زيادة على جدار الفصل بنحو 200 كلم إضافية. لكن كم هي كلفة هذه الزيادة؟
الجدار الغربي المتعرج والمنطقة الأمنية الشرقية ستكلف 10 مليارات شيقل ، وفق حسابات وزارة الدفاع التي تقدر كلفة الكيلومتر الواحد من العوائق بـ 20 مليون دولار. وهناك مليارات أُخرى ستُثمر في بناء معابر، مليارات أُخرى ستنضم إلى المليارين اللذين خُصصا لترميم نسيج الحياة الفلسطينية، الذين تضرروا في اعقاب بناء الجدار. بين هذه الجدران سيخلى 70 ألف اسرائيلي، تبلغ كلفة إخلائهم على أساس المعيار الذي اعتُمد في غزة 70 مليار شيقل اضافي. وفي حال تمسكت حكومة إسرائيل بسياستها أحادية الجانب، فانها لن تنال أي دعم مالي إضافي من الأسرة الدولية لقيام دولة فلسطينية على 50 في المائة من أراضي الضفة الغربية ومن دون شرقي القدس.
يتعين على حكومة أولمرت الحالية تحديد حدود شرقية واحدة لدولة اسرائيل. وعليها أن تضم الحد الأدنى من أراضي الضفة الغربية بحيث يمكن لاسرائيل تعويض الفلسطينيين في المستقبل في إطار التسوية الدائمة.
لهذه الغاية، من المناسب أن تقوم اسرائيل، التي تنتظر اتضاح الأمور على الجانب الفلسطيني، وعلى أساس السعي الصادق للتسوية، بوضع السياج فقط حول المستوطنات الكبيرة والقريبة من الخط الأخضر، كما ورد في اقتراح مجلس السلام والأمن.