نجيب نصير

اخوان الصفا سبقوا داروين ، والغزالى سبق ديكارت ،!!! مانشيت عريض في احدى الجرائد السورية !!!! وماذا بعد ؟ انها مسألة من قبيل الظواهر المسرحية عند العرب ... والطب والعلوم والفلك و... ,... و... و ماذا يعني ذلك ؟ لاشيىء مهم او يذكر ..... فدارون هو صاحب ( مع ثلة من علماء العصر الحديث ) نظرية النشوء والارتقاء والتي وعلى الرغم من مناهضة الكنيسة وقوى اجتماعية اخرى استمر الجدل فيها وحولها حتى تفرعت الى نظريات ودراسات شاركت في ارساء الكثير من المعارف المعمول بها على وجه البسيطة ، وشك ديكارت هو صاحبه حتى ولو كان توما ( احد تلامذة المسيح ) هو من بدأه ، ولكن الشك بذاته نهض وتطور وتم التعامل به ومعه علميا ومعرفيا حتى اصبح احد سبل التعامل العلمي والتجربي وأخذت به الذهنيات العقلانية التي لا يقف في وجهها اية رواسب من خارجها مهما كانت مقدسة .

لا نريد ان نبخس حق اخوان الصفا او غيرهم حقهم التاريخي فالمسألة ليست ان تفكر وان تكتشف ولا حتى ان تعلم ، ولكن كل معلومة مهما كانت جديرة لا تلق لها طريق الى التفعيل اي الممارسة هي معلومة ساقطة حكما ومهما كان السبب ، فاذا كان اخوان الصفا قد اكتشفوا قانون الاصطفاء الطبيعي فالفارق مع دارون انهم كانوا ضحيته الاولى ، وهو الفارق المهم حيث يبدو المثل كمن يزرع قمحه في صحراء او في ارض خصبة ، اي ان العلة في الحاضن الاجتماعي الذي لا يستطيع ان يرتقي بما لديه من علم فيبدو عقيما وحزينا ، ورب من درس هذا العقم واسبابه في فترة ما يسمى عصر النهضة ( ولكنهم حوربوا بما يشبه الحرب على اخوان الصفا والمعتزلة ) سعيا لتفعيل البنية الاجتماعية تساوقا مع العصر الا ان كتلة الماضي التي هرست اخوان الصفا هرستهم هم ولما تزل تقوم بذات العملية على من تبقى من امثالهم ، اي ان الفعالية الحقيقية لهذا الحاضن ومبرر وجوده هو هرس هذه الانواع م البشر بالاتكاء على فكرة البقاء للاقوى بعد تجريدها من اي بعد انساني اخلاقي .

واليوم وعلى الرغم من السبق المسجل في مانشيت صحيفة يومية ، حيث يبدو الخجل من الاعتزاز هو سيد المسألة لأنه وبسؤال بسيط ماذا فعلنا بمكتشفات اخوان الصفا منذ ذلك الزمان وحتى اليوم ؟ ... ليس لا شيىء فقط وانما كرسنا بنية ذهنية هي ضد العقلانية ورسخناها ووضعناها في مقدمة الصراع بين العلم وبين المعرفة ، متحولين داروينيا الى ظاهرة صوتية ، تمتلك كل العلم في حبال الحنجرة ، فماذا يعني ان يشغل باحث نفسه ايام طويلة كي يستنتج ان اخوان الصفا هم اسبق من دارون ، ولم يسأل ماذا صنعنا بمعلومات اخوان الصفا طل هذا الزمان وماذا فعل هؤلاء بمعلومات دارون مع قصر هذا الزمان ؟؟؟؟ الزمن هو مساحة الفعل وهو فرصة الارتقاء ومن المضحك تماما ان نكتشف صك ملكية ، لملكية نزعت ومن زمان وبأيدي اصحابها .

لا نريد العودة الى زمن اخوان الصفا كي نستلهم العزة العلمية ، فقط دعونا نعود الى الكواكبي او طاهر الجزائري أو لماذا هؤلاء فليكن طه حسين او على عبد الرازق ولكن كل هؤلاء ماتوا تعالوا لنرى مذا فعل نصر حامد ابوزيد او الدكتور محمد شحرور او صادق جلال العظم او اي أحد لما يزل على قيد الحياة على الاقل قبل ان يأخذ الله اماناته وقبل ان يأت باحث بعد عشرة قرون ليقول لقد سبق جلال العظم فلان ان علان .

منذ الطفولة وانا سمع بالمثل( العربي ) الشهير الزمن كالسيف اذا لم تقطعه قطعك ومع بساطة هذا المثل ، فان من الواضح ان الزمن فرمنا ولم يتبقى لنا الا ان ننكره .