حدثت أشياء مريرة لماهر عرّار ولمعاناته الشاقة مع الحكومة الأميركية، فقد حاول أن يقاضي الحكومة طلبا للتعويض عن دمار لحق به، مع الحقائق المروعة المصاحبة لحالته الموثقة بعناية، ولكن قاضيا اتحاديا استبعد كل تلك الحقائق، ليقول لعرار بلسان حال معناه: اذهب الى الجحيم.
من هنا نحن أمام عالم جديد الآن تصبح فيه ومعه الحكومة الأميركية بنفوذها حرة في تدمير الأرواح البريئة من غير حتى اشارة في الطريق نحو الإنصاف في هذه اللعبة. أما قصة عرار، فتقول لك إنه مواطن كندي، تقول كل الأدلة إنه عاش حياة مثالية، ليجيء احتجازه من قبل السلطات الأميركية بمطار جون كنيدي عام 2002، ليتم ترحيله الى سورية، موطنه الأصلي، حيث تم احتجازه هناك تحت الأرض طوال عام في خلية بحجم القبر ليتم تعذيبه جسديا ونفسيا، ووفقا لأوراق المحكمة، فقد كانت الزنزانة مظلمة وباردة، ومسكونة بالفئران التي كانت تدخل الزنزانة من ثقب صغير في سقفها، فيما كانت القطط تقضي حاجتها وتلقي ببرازها على عرار مع انعدام أية أدوات للصرف الصحي بالزنزانة. والى ذلك ظل حراس عرار يوسعونه ضربا بقسوة بأسلاك كهربائية، فيما ظلوا يسمحون له بالاستحمام بمياه باردة مرة في الأسبوع لتكون النتيجة فقدانه لأربعين رطلا من وزنه خلال فترة الاعتقال. والأدهى أن السلطات السورية لم تستطع تقديم أدلة على تورطه في الإرهاب فأطلقت سراحه بعد 10 اشهر دون توجيه تهم ضده.

عرار مهندس كومبيوتر يبلغ من العمر 35 عاما، ويعيش في أتاوة مع زوجته وطفليه، ليرفع مركز الحقوق الدستورية بنيويورك قضية نيابة عنه بحثا عن تعويض من الحكومة الأميركية لترفض الحكومة الأميركية بالتذرع أنه لا يمكن التعامل مع الحالة لأنها ستكشف عن بعض أسرار الدولة، وبكلمات أخرى، فلا يهم بأية قسوة تمت معاملته أو بأية طريقة مقززة تصرفت الحكومة.

والى ذلك، تعلل القاضي، ورغم اعترافه بما تعرض له عرار في سورية، بأن الأسباب والتحفظات الواردة من الحكومة مقنعة وأن مثل هذه الأمور يكون القطع فيها للجهاز التنفيذي والكونغرس وليس المحاكم، مضيفا أن الحاجة للسرية من الأمور التي يصعب تجاوزها.

تصوروا كل ذلك..

وتساءلوا معي: إذا كان اختطاف رجل بريء وتعذيبه أمرا مقبولا ولا غبار عليه، فما هو غير المقبول والذي لا غبار عليه إذن؟.. هذا زمان غريب.