الشرطة الإسرائيلية: مصادرة 31 حاوية لتاجر فلسطيني في إطار السياسة الجديدة
الشرق الأوسط
بدأت أجهزة الأمن الإسرائيلية والأميركية، في تنفيذ خطة مشتركة لتجفيف الأموال التي تصل الى حركة «حماس»، وغيرها من التنظيمات الفلسطينية المسلحة من الخارج، بطرق جديدة لم تكن معروفة حتى الآن. وقال مصدر اعلامي اسرائيلي مطلع، أن هذه الخطة، إذا نجحت، ستؤدي الى ضربة قاصمة لهذه التنظيمات وإلى نضوب نشاطها في غضون بضعة أشهر.
وقال المصدر نفسه، ان الخطة المذكورة ستكشف عن الجمعيات والشركات التي تقوم بارسال الدعم المالي الى تلك التنظيمات الفلسطينية المسلحة بطرق غير مباشرة، عبر عدة وسطاء غير متوقعين. واشار الى أن اعلان الولايات المتحدة عن وقف عمل احدى الجمعيات الأميركية وقيام اسرائيل بمصادرة الحاويات التي وصلت الى شركة فايز أبو عكر الغزية عبر ميناء اسدود، هما ضمن هذه الخطة الجديدة. وقال إن لدى المخابرات الإسرائيلية معلومات عن طرق شبيهة أخرى، وإنها عممت هذه المعلومات وغيرها على المخابرات «في الدول الغربية والصديقة حتى تساهم هي الأخرى في محاربة تمويل منظمات الإرهاب في العالم عموما، وفي منطقة الشرق الأوسط خصوصا». وعلم، أمس، ان رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية العامة، يوفال ديسكين، سيغادر الى الولايات المتحدة هذه الأيام، ليستكمل رسم الخطة المشتركة المذكورة. وقال عشية سفره الى واشنطن إن «حماس» تشكل تهديدا استراتيجيا مباشرا على اسرائيل. ففي لقاء له مع لجنة الخارجية والأمن البرلمانية قال، أمس، ان انتصار «حماس»، فضلا عن مساهمته في تصعيد الإرهاب الفلسطيني ضد اسرائيل، سوف يقوي عناصر الإرهاب في العالم كله، وسيكون له أثر حتى على المواطنين العرب في اسرائيل.

وكانت المخابرات الاسرائيلية، بالتعاون مع سلطات الجمارك وقسم محاربة المال الأسود في الشرطة، قد وضعت أيديها على 31 حاوية، تم شحنها الى ميناء اسدود الاسرائيلي، باسم تاجر فلسطيني من خان يونس في قطاع غزة، يدعى فايز أبو عكر. وقال الناطق بلسان الشرطة الاسرائيلية، أمس، ان هذا التاجر عمل عبر شركتين فلسطينيتين محدودتي الضمان هما «ريو» و«هاني سعد الله شلدان وأبناؤه»، اعتادا على استيراد بضائع من عدة دول في الخارج وبيعها في قطاع غزة. وأن تحقيقات مكثفة من المخابرات الاسرائيلية كشفت ان ثمن البضائع دفعت الى كل من «حماس» و«الجهاد الاسلامي»، بعد أن خصمت عمولة لصالح أبو عكر. وأن هذه البضائع أرسلت من جهات في الخارج لها علاقة بايران وحزب الله اللبناني وغيرهما، كدعم صريح من التنظيمين المسلحين للحركتين. وقال المصدر الإعلامي المذكور، إن لدى اسرائيل معلومات عن تجار آخرين ونوع آخر من البضائع يخدمان الغاية نفسها، وإن هذه الطرق من البيع باتت تشكل السبيل الاساس لتمويل النشاط العسكري الفلسطيني في السنتين الأخيرتين، بعد أن تمكنت اسرائيل من قطع دابر التمويل المباشر، الذي كان يصل الى هذه التنظيمات عبر الحسابات البنكية المباشرة وغير المباشرة، أو عبر مبعوثين مباشرين من الدول العربية أو الغربية.

يذكر أن الحكومة الاسرائيلية كانت قد قررت في جلستها العادية أول من أمس، حجب الأموال عن السلطة الفلسطينية، بما في ذلك الأموال الفلسطينية التي تجبيها اسرائيل كضرائب جمركية عن البضائع التي تصل الى الفلسطينيين عبر الموانئ الاسرائيلية. كما قررت اتخاذ اجراءات أخرى ضد السلطة الفلسطينية وأهالي الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكن بالتدريج، حسب تطورات الوضع. قسم منها سينفذ حالما يلقي الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، مهمة تشكيل الحكومة على ممثل «حماس»، وقسم منها سينفذ عندما تقام الحكومة. وقسم آخر عندما يبدأ عمل الحكومة، وهكذا. ويقف في صلب هذه الإجراءات الاتجاه لمقاطعة السلطة الفلسطينية ومعاقبة الشعب الفلسطيني على اختياره «حماس» لأكثرية المجلس التشريعي في انتخابات ديمقراطية. ومع ذلك فقد هاجم اليمين الاسرائيلي قرارات الحكومة، واعتبرها هزيلة ولا تناسب حجم الضرر الذي أحدثه الفلسطينيون بانتخابهم «حماس». وقال رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، ان حكومة ايهود اولمرت ضعيفة وعديمة التجربة، وقراراتها المسايرة لحماس ستكون مدمرة لاسرائيل، لأنها لا تعطي للفلسطينيين أي شعور بالقوة ردا على اختيارهم الارهاب، بل تعطي شعورا بالضعف خطيرا للغاية، سيستغله الفلسطينيون لتصعيد أساليب العنف. وقال النائب أريه الداد من حزب الاتحاد القومي، وهو أكثر أحزاب اليمين تطرفا، ان حكومة اولمرت، تثبت انها ليست جادة في مقاومة حماس، «فهي تتخذ اجراء واحدا أو اثنين من سلة اجراءات كبيرة اقترحها الجيش والمخابرات. وهي بذلك توحي لحماس، انها بعد الانتخابات سوف تتخلى عن الاجراءات وتتجه الى الحوار والتفاهم حتى مع هذه المنظمة الارهابية». وفي يسار الخريطة السياسية أيضا انتقدوا حكومة أولمرت على هذه القرارات. حيث قال أوفير بنيس، وزير الداخلية السابق من حزب العمل، ان فرض المقاطعة على السلطة الفلسطينية سيؤدي الى عودة المقاطعة ضد اسرائيل في الدول العربية، وفي العديد من دول العالم. وحجب الأموال عن السلطة سيجدد الدعم المالي العربي والاسلامي لها. وقال رئيس الحزب، عمير بيرتس، ان الهجوم الاسرائيلي على السلطة الفلسطينية بهذا الشكل الأعمى، سيلحق ضررا فادحا باسرائيل وليس بالسلطة أو «حماس». وطالب رئيس حزب «ميرتس»، د. يوسي بيلين، الحكومة بالتراجع عن حجب الأموال. وقال ان اسرائيل ستظهر أمام العالم الآن كدولة غير انسانية تتسبب في تجويع الفلسطينيين. ورفض بيلين سياسة مقاطعة «حماس»، وقال انها لا تتصف بالحكمة. ودعا الى الحفاظ على علاقات جيدة مع الرئيس الفلسطيني أبو مازن وتقويته بواسطة رفده بالأموال التي يستحقها، بل التفاوض معه فورا على التقدم في المسيرة السياسية.