طهران تؤكد «لا مفاوضات مع الترويكا بعد اليوم».. واليابان تبدأ وساطة لحل الأزمة

«الشرق الاوسط»
في خطوة قد تمنع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد من التوجه الى اوروبا مستقبلا، طلب زعماء اليهود من شتى انحاء اوروبا من البرلمان الاوروبي اصدار قرار يطلب من الحكومات الاوروبية عدم السماح للرئيس الايراني بوضع قدمه على ارض القارة بسبب تصريحاته التي شكك فيها في المحارق النازية وطالب خلالها بمحو اسرائيل من خريطة العالم. ويأتي ذلك فيما نفى وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي رغبة طهران في «محو اسرائيل من الخريطة»، وقال الوزير الايراني بالانجليزية خلال مؤتمر صحافي في بروكسل «لا يستطيع احد محو بلد من الخريطة. اسيء في اوروبا فهم ما قاله الرئيس». واعترف متقي ايضا بأن المحارق حقيقية. وتعد تصريحات متقى الاشارة الاولى من نوعها حول تراجع ايران عن موقفها من قضية المحرقة، وازالة اسرائيل عن الخارطة، وهي التصريحات التي كررها احمدي نجاد ثلاث مرات على الاقل خلال الاشهر الماضية، وادت الى استياء دولي بالغ. ووافق المؤتمر اليهودي الاوروبي الذي اجتمع في مطلع الاسبوع في فيينا في بيان صدر امس على التقدم قريبا بطلب رسمي للبرلمان الاوروبي يطلب فيه من الدول الاعضاء في الاتحاد اعلان الرئيس الايراني «شخصا غير مرغوب فيه» ونقل البيان عن بيير بسنينو قوله «الرئيس الايراني يجب ألا يضع قدمه على ارض القارة التي يزعم ان المحارق لم تحدث فيها». وذكر ان احمدي نجاد كرر تصريحات ينفي فيها حدوث المحارق او يشكك فيها منتهكا بذلك قوانين متعلقة بالمحارق في بعض الدول الاوروبية التي تجرم من ينفي ان ستة ملايين يهودي لقوا حتفهم خلال الحكم النازي في الحرب العالمية الثانية. ودعا المؤتمر اليهودي الاوروبي ايضا الاتحاد الاوروبي لعدم التفاوض مع حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي فازت في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية الاخيرة الى ان تعترف الحركة «باسرائيل وتتخلى عن سياسة الارهاب». ويضم المؤتمر اليهودي الاوروبي زعماء المنظمات اليهودية في 40 دولة ويمثل 2.5 مليون يهودي من شتى انحاء اوروبا.
الا ان وزير خارجية ايران منوشهر متقي نفى ليل اول من امس رغبة طهران في «محو اسرائيل من الخريطة»، وقال متقي «اسيء في اوروبا فهم ما قاله الرئيس، كيف يمكن ازالة بلد عن الخريطة. انه يتحدث عن النظام. لا نعترف قانونيا بهذا النظام». واعترف متقي ايضا بأن المحارق حقيقية وقال امام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاوروبي «اصدقاؤنا في اوروبا يؤكدون ان هذه الجريمة حدثت وهم اعلنوا عن ارقام سقطت بالفعل. لا نجادل في هذا لكن ما نقوله كالآتي.. حتى يصحح هذا الحدث المروع لماذا وجب على المسلمين ان يدفعوا الثمن». الى ذلك، قال متقي امس بعد عودته الى طهران ان بلاده لن تبحث بعد اليوم برنامجها النووي مع الترويكا الاوروبية (المانيا وفرنسا وبريطانيا) بل مع دول اوروبية منفردة. وقال متقي لصحافيين في ختام مؤتمر صحافي ان «اتصالاتنا مع الاتحاد الاوروبي لن تجري بعد اليوم في اطار الترويكا الاوروبية بل بشكل احادي مع مختلف دول الاتحاد الاوروبي». وأكد متقي بهذا الصدد «لن نعود الى الوضع السابق»، في وقت دعا الغربيون طهران الى تعليق كل نشاطاتها النووية الحساسة مجددا. وقال متقي «نحن حاليا في بداية الطريق لعمليات التخصيب في المختبر»، مشيرا الى ان «اي فكرة جديدة لهذه المفاوضات يجب ان تنطلق من هذه النقطة».

كما قلل متقي من اهمية اي مفاوضات قد تجري في المستقبل مع الاتحاد الاوروبي، مشيرا الى ان بلاده باتت تركز على مفاوضاتها مع روسيا بشأن خطة موسكو بتخصيب اليورانيوم الايراني على ارضها. وقال ان «الاتحاد الاوروبي اعلن في الوقت الحاضر انه يقبل باتفاق قد يتم التوصل اليه بين ايران وروسيا وهذا يعني بأنه اذا ما دعت الحاجة لاحقا الى اجراء محادثات رسمية مع الاتحاد الاوروبي، فستكون لاستكمال الاقتراح الروسي». ويعد الاعلان الايراني حول عدم التفاوض مع الترويكا تطور شديد الاهمية، اذ انه يقوض عمليا الترويكا الاوروبية التي تقوم بالتفاوض مع طهران نيابة عن الغرب منذ اكثر من عامين. ويأتي هذا فيما رأى وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير انه لا بد من اعتماد كل الطرق الدبلوماسية من اجل حل الازمة النووية مع ايران من دون ان يستبعد مسألة فرض العقوبات. وقال وزير الخارجية الالماني في مؤتمر صحافي في طوكيو التي يزورها منذ الاثنين «قبل اللجوء الى خيارات عسكرية، علينا ان نبحث في كل الطرق الدبلوماسية. يجب ان نكون خلاقين وان نستخدم الخيارات الدبلوماسية المختلفة». واضاف «لا اعتقد ان العقوبات الاقتصادية ستكون وشيكة. ولكن لا يمكننا ان نستبعد فرضها تماما». وأجرت المانيا وبريطانيا وفرنسا على مدى سنتين مفاوضات مع ايران لحثها على التخلي عن برنامجها النووي مقابل تعويضات اقتصادية، الا ان المفاوضات لم تنجح.

الى ذلك، دعت الصين ايران الى وقف نشاطات تخصيب اليورانيوم لحل الازمة حول برنامجها النووي. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية ليو جيانشاو للصحافيين «نأمل ان تعود ايران الى تعليق كل نشاطاتها المرتبطة بتخصيب اليورانيوم وتخلق ظروفا مؤاتية لتسوية هذه المشكلة من خلال التفاوض». وأضاف «اننا ندعم مفاوضات روسيا مع ايران حول هذه المسألة». كما رحب وزير الخارجية الياباني تارو آسو امس بجهود روسيا من اجل التوصل الى تسوية بشأن النشاطات الايرانية لتخصيب اليورانيوم. وقال آسو خلال مؤتمر صحافي امس قبل اعلان انتهاء المفاوضات الروسية الايرانية «نعتبر هذه المقاربة بناءة وآمل ان تؤدي الى نتيجة ايجابية». واكد آسو انه سيشدد على المسألة النووية خلال زيارة يقوم بها نظيره الايراني قريبا الى طوكيو. وقال الوزير الياباني «من واجب الصديق ايضا ان يتجرأ ويتطرق الى المسائل الخلافية». واليابان التي لا تملك اي موارد طبيعية وتستورد كل النفط الذي تستهلكه، طورت دبلوماسيتها النفطية الخاصة في الشرق الاوسط ولا سيما مع ايران، ما يثير استياء حليفها الاميركي. وتعتزم الحكومة اليابانية اغتنام علاقاتها الطيبة مع طهران للقيام بوساطة في الازمة النووية.