نشرت الصحف الاسرائيلية أمس تعليقات انتقدت العقوبات الاقتصادية على السلطة الفلسطينية، من بينها مقال كتبه نحميا شطرسلر في "هآرتس" بعنوان: "في انتظار القاعدة" ننقل ما جاء فيه: "طوال سنين علمونا ان علينا ألا نتفاوض مع نظام غير ديموقراطي لأنه نظام غير مستقر يوقع اليوم اتفاقا وينقضه في اليوم التالي والشعب لا يدعمه. ولكن ها نحن نشهد في المناطق وتحديداً في ظل احتلال وحشي كيف نجح الشعب الفلسطيني في اجراء انتخابات ديموقراطية ان لم تكن الاكثر ديموقراطية في العالم العربي. ومع ذلك لم تعجب نتائجها اسرائيل، فقد كان ايهود اولمرت يريد مجيء فتح وليس "حماس”.

ماذا نفعل؟ اننا نحول "حماس" وحشا يريد تدمير اسرائيل، الوحوش يجب القضاء عليها. ونحرص على افهام الشعب الفلسطيني انه كي يأكل عليه اعادة فتح التي أصبحت فجأة من محبي الصهيونية. السياسة الحالية هي ان علينا الا نتحاور مع "حماس"، تماماً مثلما قلنا في الماضي اننا لن نتفاوض ابداً مع منظمة التحرير الفلسطينية...

شكل محمود عباس الذي اتى مكان عرفات الزعيم الأكثر ملاءمة والاكثر اعتدالاً بالنسبة لإسرائيل، ولكن اسرائيل دمرته كزعيم. فلم تقدم له اي انجاز ولم تحسن مستوى الحياة في المناطق ولم تزل الحواجز ولا أطلقت الاسرى ولا ازالت المواقع الاستيطانية غير القانونية، وحتى فك الارتباط عن غزة قامت به من طرف واحد ومن دون ان تتحدث معه، وعندما طالب طوال أشهر بموعد مع ارييل شارون رفض طلبه وجرى التملص من الرد وقالت عنه اسرائيل انه رئيس ضعيف. وعندما ادرك الفلسطينيون ان محنتهم كبيرة وان منظمة التحرير لن تنجح في اقامة الدولة صوتوا لزعامة الاكثر تشدداً... يتحدث اولمرت عن سلطة ارهابية تهدد جوهر قيام اسرائيل، لكن حقائق السنة الماضية تثبت ان "حماس" قامت بهجوم واحد وان غالبية الهجمات قام بها الجهاد الاسلامي وفتح. وهكذا يظهر ان من يخرق الاتفاقات (اتفاق باريس عام 1994)هو الحكومة الاسرائيلية في الوقت الذي يظهر زعماء "حماس" تحملاً للمسؤولية، وعندما يتحدث رئيس الشاباك عن التهديد الاستراتيجي يتحدث هؤلاء الزعماء عن تحويل "حماس" تنظيما سياسيا ويكررون انهم مستعدون لاحترام القرارت ويقترحون وقفاً لإطلاق النار لمدة 15- 20سنة في مقابل الانسحاب الاسرائيلي الكامل الى حدود 1967، وهذا يشكل موقفاً استهلالياً لدخول المفاوضات. ولكن يبدو ان "حماس" ليست متشددة كفاية بالنسبة الى اسرائيل، فقد نجد لديها بصيصاً من الامل في التسوية، من هنا تعود اسرائيل الى السياسة التي اختبرتها: تدمير الزعامة الحالية كي تحل محلها زعامة اكثر تطرفاً.هكذا دمرت السلطة وعرفات وعباس والان وصلت "حماس”. وستواصل اسرائيل تطبيق العقوبات الاقتصادية والمقاطعة السياسية، وسيزداد المتطرفون قوة وعندما يتضح للشعب الفلسطيني أن لا "حماس" ولا الجهاد الاسلامي سينجحان في تحسين وضعهم سيتحولون نحو الاكثر تطرفاً الى "القاعدة"، وهكذا تحقق اسرائيل هدفها: مواصلة العيش على حد السيف الى ما لانهاية".