لا يزال موضوع السياسة التي ينبغي على اسرائيل انتهاجها حيال حركة "حماس"يستأثر باهتمام المعلقين الاسرائيليين، وبالأمس نشرت صحيفة "معاريف" مقالاً لرافي بوخنيك، العميد في الاحتياط الذي عمل سابقاً في المخابرات العسكرية، نصح فيه المسؤولين الاسرائيليين بعدم الكشف عن أوراقهم الى ما بعد الانتخابات، معتبراً ان وصول "حماس" لن يغير شيئاً من وضع اسرائيل كقوة اقليمية وننقل ما جاء فيه: "الواقع الجديد في الساحة الفلسطينية يخلق في الحياة العامة الاسرائيلية جواً من التشاؤم والسوداوية يكاد ان يلامس حدود الرعب حيال ما ينتظرنا مع قيام حكم حماس في غزة والضفة.

في هذه الظروف بالذات التي تشكل فرصة لإظهار زعامة شجاعة قادرة على ان تقدم للداخل وأمام المجتمع الدولي تقديراً صحيحاً للوضع وتصميماً على المواجهة بافضل السبل من اجل المحافظة على مصالحها، تظهر اسرائيل علامات مرونة وضعف. ويبدو أن توقيت المعركة الانتخابية بالذات هشم كل ما له صلة بالمواجهة مع العدو الاستراتيجي الجديد.

لقد كانت اسرائيل ولا تزال القوة الاقليمية الوحيدة في المنطقة، وفوز "حماس" لن يزعزع هذه الحقيقة. الضرر الاساسي والمباشر هو في افتراض ان الاقتراع الفلسطيني قد دمر الامل الضعيف في قيام تسوية سياسية معقولة في منطقتنا.

قيل الكثير عن الاخفاقات التي برزت لدينا في ما يتعلق بالانتخابات الفلسطينية، بدءاً من اعطاء الضوء الاخضر لمشاركة "حماس" مروراً بمفاجأة الفوز الساحق للحركة الاسلامية المتشددة.

اظهرت نتائج اول استطلاع اجري في مناطق السلطة الفلسطينية بعد الانتخابات ان غالبية كبيرة من الجمهور الفلسطيني تواصل تأييدها للحل السياسي للنزاع على مبدأ دولتين لشعبين. ويدعم هذا التقدير القائل ان نتائج الانتخابات لم تكن تعبيراً صارخاً عن عدم الثقة بالجهاز الفاسد لحركة "فتح”. بكلام آخر هناك ثغرة كبيرة بين البرنامج السياسي الراديكالي لحركة "حماس" وبين وجهة النظر الغالبة وسط الرأي العام الفلسطيني.

ومع ذلك من الافضل ان تنتهج اسرائيل سياسة الغموض في كل ما يتعلق بالاجراءات التي ستتخذها بحق "حماس". ومن الافضل ان يضطر الطرف الفلسطيني الى تلمس طريقه في الظلام، على وضع تتورط فيه اسرائيل باتخاذ اجراءات خاسرة. يمكننا الافتراض ان مؤشرات التعايش بين أبو مازن وقيادة "حماس" التي تهدف الى طمأنة المجتمع الدولي هي موجهة ايضاً للوقوف في وجه اسرائيل في اعقاب قرارها تجميد نقل اموال الضرائب الى السلطة".