هيثم المهنا

ضجيج.... ضجيج.... والريح السوداء/معذرة فيروز/ تهيج... وذئاب العتمة تظهر في السوق... سوق الابتياع والتباكي والجوع القاتل في ارتهان غير مسبوق للأسياد والخارجين... تأكل لحم لبنان, تنهش ما تبقى من لبنان, إن تركوا شيئاً, أو بقي شيء في حقدهم الأسود, على لبنان أولاً, والعروبة ثانياً, والشهداء أقدس من في الدنيا ثالثاً, وسورية الحضن الحاضن للأمانة والخير والمحبة, يرسلون عواءهم الدائم مع شروق القبرات الجميلات فوق الأرز, ليقتلعوا الجمال من ربوع لبنان المحبة, لبنان الصفاء والجمال وقدس الله, لبنان الظل والظلال والصيحة الأولى للعرب من أجل العرب, يرسلون عواءهم ريحهم السوداء تذيب ثلج صنين, تقهر صنين, ترفع البيزار فوق دم الشهداء, تحول المناسبة من الترحم إلى الدفع في طريق الظلمة والموت... غير عابئين بلبنان... الذي عليه يتباكون, ومن أجله يتشدقون بالشعارات, ولأجله تنغرس حراب الشر في ظهره, غير عابئين بلبنان العربي الذي كان في يوم من الأيام المحطة الأهم والمناخ الأجمل لأحرار الأمة, ينشدون فيه ومنه ولأجله أجمل القوافي وأرق الألحان من اجل الإنسان...

الريح السوداء تهيج, ترسل الموت في مهرجان الموت... في ذكرى الموت لبلد هو الأحوج لأن تضخ في عروقه دماء الحياة, بعد أن استأسد الذئاب فوق جثمان شهيد لبنان وصديق سورية الذي قال في يوم من الأيام وقبل قليل من استشهاده, إن سورية بلدي, إليها أذهب وأجيء مطمئناً, نسوا ما قاله الحريري بل ألغوا كل ما قاله الحريري, داسوا عليه بأحذيتهم المصنوعة في مصانع الشر من أجل الشر, استغلوا المناسبة ليقطعوا آخر خيوط الوصل بين لبنان والأمة, بين لبنان ولبنان, من أجل أن يقول عنهم أعضاء حزب كاديما أنهم الأصدقاء, فشكراً لكم يا أعضاء حزب كاديما الصهيوني, الذين تطربون لعواء ذئاب المناسبة وتستعدون لحمايتهم, ممن؟؟ نعم ممن؟؟ من لبنان الذين تريدونه ذبيحة فصحكم, تعتقون دماء أبنائه في كؤوس خمرتكم التي يملؤها تجار الموت, تستقونها فرحاً على خراب لبنان, يقدمها هؤلاء مجاناً لأسيادهم, وأنتم أسيادهم, شكراً لكم, ولا تستحقونهم, لأنكم وبسرعة لم يكونوا يتوقعونها, عريتم ما تبقى من ورقة التوت التي تغطي آخر عوراتهم, لم تتركوا فسحة لفرحهم ورقصاتهم التي كانوا يؤدونها فوق قبر الحريري عندما يشتمون سورية ويهتزون طرباً لذلك, أن تطول, فاسقط في أيديهم, وهم العالمون بأنهم المنكشفون العراة الذين التستر بزيف الوطنية والتباكي على قبر الشهيد, حتى لم يبق من استشهاده إلا الذكرى.

فرحماك يا رب, رحماك بروح رفيق الحريري التي باعوها, وذلوها في ذكرى استشهاده الأولى انقلبوا على كل ما أراده رفيق الحريري ليخرجوه من طهر تراب لبنان ويسلموه ذبيحة الفصح الصهيوني وهو الذي استشهد من أجل لبنان, والعروبة, ووحدة المسار والمصير مع سورية, أليس من أجل هذا استشهد رفيق الحريري, أم نسوا, بل يريدون أن يجتثوا كل ما أراده الحريري للبنان, ليبقى لبنان نهباً للغرب وإسرائيل وعملائهم فوق أرضه, يوظفون الذكرى من أجل قتل الذكرى, يتبارون بالسباب والشتائم للمقومة وسورية ومن أجل أن ترتاح إسرائيل, يتنادون إلى عرس الشهادة ليبيعوا دماء الشهداء بأبخس الأثمان, ولكن, خاب فألكم أيها المنافقون, فلبنان لن يكون إلا لبنان الجميل الذي نعشق ونحب, الأخضر الفتان طمأنينة النفس والروح, دوحة الفرح, أغنية واع في منحدرات جباله " يرندح " الميجنات ويعلل " المنيجرة " مع غنماته بأمان وصفاء ومحبة.

لن يكون لبنان, إلا كما أراده الله, وكما يريده الله, والغد المشرق آت لا محال, مهما طال هبوب الريح السوداء عليه, وذئاب البراري لن تبقى إلا أسيرة جوعها وخوفها وسقوطها المزري. لن يكون لبنان, التوأم الأقرب إلى سورية, إلا توأم سورية الفريد... الفريد بأهله, وبأصالته ومواقفه القومية, لن يكون لبنان إلا المنيع على الأعداء, بوابة العروبة الأزلية على العالم, لن يصيب لبنان إلا الخير... ما دامت سورية الحصن الحصين للأمة بكل أقطارها, من مشرقها على مغربها... فيوم كان الاعتداء الثلاثي على مصر قالت دمشق " هنا القاهرة " والآن في كل زمان تقول دمشق " هنا بيروت" وهنا كل عاصمة عربية تتعرض للشر, ويقوض أمانها الأشرار.

فلا خوف عليك لبنان, فأنت في القلب الوجيب, وأنت في العقل والوجدان, رخصت من أجلك الأنفس.