الجزيرة نت

انطلقت في الدوحة أعمال الجولة الثانية للمجموعة الرفيعة المستوى لتحالف الحضارات بحضور أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وعدد من المسؤولين العرب والمسلمين والغربيين.

وفي كلمته الافتتاحية أكد رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن خليفة آل ثاني التزام دولة قطر "بانتهاج الحوار المستمر سبيلا لبناء الثقة التي بدونها يبقى الحديث عن رؤية مشتركة لعلاقات دولية متوازنة ضربا من ضروب الخيال وربما الوهم".

وأعرب الشيخ عبد الله عن أمله أن يأخذ المجتمعون بعين الاعتبار أن "التطرف والإرهاب لا يرتبطان بدين معين أو ثقافة أو جنس". وأشار إلى أن الظروف الراهنة التي تواجه العالمين الإسلامي والغربي تحتاج إلى الكثير من الحوار المتعمق الهادف لفهم كل منهما الآخر أكثر.

ودعا الشيخ عبد الله إلى التركيز على فئة الشباب وأن تكون شريكا إستراتيجيا في بناء جسور التواصل بين الحضارات والتقارب فيما بينها عبر التعليم والثقافة والإعلام ومختلف وسائل الاتصال التي "يتعين عليها أن تقبل بحرية الفرد مع احترام القيم والمعتقدات وأن تتقبل الرأي والرأي المخالف".

من جانبه قال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في كلمته الافتتاحية أمام المؤتمر – الذي يستمر ثلاثة أيام- إن الهدف من مبادرة تحالف الحضارات هو التصدي للتهديدات الناشئة عن التصورات المعادية التي تحرض على العنف.

وأشار أنان إلى أن هناك شعورا بأن الهوة بين العالم الإسلامي والمجتمع الغربي آخذة في الاتساع، وأن كلا الجانبين لا يفهم الآخر. وأضاف أن الأزمة الأخيرة (مسألة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم وتبعاتها) هي انعكاس لأزمة أعمق وأقدم.

نزعات التطرف

الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حضر الجلسة الافتتاحية (الجزيرة نت)
وقال أنان إن الداء المتسبب في الأزمة يكمن في النزعات المتطرفة والسائدة في العديد من المجتمعات، مشيرا إلى أن "المتطرفين" هم قلة، ولكن كثيرين يجدون أنفسهم مدفوعين نحو اتخاذ مواقف متطرفة، موضحا أن التصورات الخاطئة هي التي تغذي التطرف وتضع العالم في حلقة مفرغة.

ودعا أنان إلى فتح أبواب الحوار ليس أمام المفكرين والساسة والدبلوماسيين فحسب وإنما أيضا أمام الفنانين والعاملين في حقل الترفيه والرياضيين.

وكان اجتماع الدوحة الذي ترأسه أنان وجه نداء إلى العالم أمس أكد فيه على ضرورة احترام الثقافات والأديان في تحرك غير مسبوق لاحتواء أزمة الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم.

أما رئيس مؤسسة ثقافة السلام فيدريكو مايور فدعا في كلمته إلى تعزيز التعاون بين تيارات الأكثرية المنادية بالاعتدال وصرف التطرف. كما دعا إلى تعزيز التفاهم بين الأديان والثقافات من خلال أنشطة مشتركة.

وحث مايور جميع الأطراف إلى الهدوء والتحاور والبحث في العناصر التي تجمع لبناء عالم أفضل للأجيال القادمة مبني على التسامح والسلام، مطالبا بتنظيم لقاءات برعاية الأمم المتحدة لوضع آليات الحوار لحل المشاكل بين الأطراف.

وحدد وزير الدولة التركي محمد عايدين خمس قضايا أساسية قال إن على المتحاورين من العالمين الإسلامي والغربي التركيز عليها هي السياسة والتربية ووسائل الإعلام والشبيبة والهجرة.

وأشار إلى أن أزمة الرسوم المسيئة أظهرت هشاشة الوضع الدولي والعلاقات الدولية ووصفها بأنها قمة لجبلي جليد تكمن وراء الأول منهما مشاعر سلبية وعقلية متعجرفة.

أما جبل الجليد الآخر فيشمل آثار فترة الاستعمار واستمرار الهيمنة السياسية والعسكرية والثقافية وما يترتب عليها من الإحباط والغضب.

تعزيز الاحترام
وعلى هامش مؤتمر تحالف الحضارات قال وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس للجزيرة نت إن عمل المجموعة نابع من نظرة إستراتيجية تنبني على استباق الأزمات من قبيل تلك التي اندلعت عقب الرسوم المسيئة، وذلك بتغيير الخطاب وتعزيز قيم الاحترام.

فيدرين: مهمة التحالف هو التفكير العميق في حوار حقيقي بين الحضارات (الجزيرة نت)
أما وزير الخارجية الفرنسي الأسبق هوبير فيدرين فقال للجزيرة نت إن مهمة مجموعة تحالف الحضارات هي التفكير العميق حول العلاقات بين الحضارات وتقديم توصيات إلى الأمم المتحدة في هذا الصدد.

إضافة إلى آليات لتعزيز تحالف الحضارات سيتم وضعها على ضوء النتائج التي ستتوصل لها المجموعة.

من جانبه اعتبر الداعية الإسلامي عمرو خالد أن جميع الأطراف في حاجة إلى هذا الحوار وإلى مزيد من آليات التعايش.

وأعرب عن اعتقاده في تصريح للجزيرة نت أن "صوت المتطرفين في الجانبين علا حاليا مما جعل من الضرورة أن ترتفع أيضا أصوات العقلاء. لابد أن يعلو هذا الصوت ويترجم إلى أشياء عملية، مشروعات عملية".

وأشار إلى وجود أساسين لنجاح المؤتمر، الأول احترام ثقافة الآخر وعدم طمسها وإغناء القيم المشتركة وتوسيعها، والثاني إيمان صادق بأهمية التعايش وليس مبادرات دبلوماسية لتجميل الوجوه.