نضال الخضري

حتى أستطيع فهم ما يجري يلزمني قرن كامل من محاولة التأقلم، والسير على الحدود التي أُسميت "قضية المرأة"، فإذا كان المجتمعون في الدوحة يسألون عن طبيعة التحول نحو "التحالف"، فإن علي الوقوف امام "الصورة النمطية" ليس للإسلام بل لثقافة اشتهرت بأنها مرتبطة بـ"الحريم"، وربما أستطيع الحديث لألف سنة أخرى عن ما أنتجته الجواري و "القين" على مساحة من التراث الذي نعيشه.

لكنني أبحث في المسافة التي أمامي اليوم عن السبيل الذي يجعل "قضية المرأة" شكلا غير نمطي، ويخص الجميع وليس الفئة التي بقيت في الحجرات المغلقة واضطرت للخروج فجأة لتواجه عالم لم يسعفها حتى تعرف موقعها. فليس الإسلام من يحمل الصورة النمطية بل الثقافة التي تتمركز على أكتافنا فتحرمنا من الإبداع، وتتركنا إناثا ينتظرون التحرر، وذكورا يتمنون الجلوس على أشالاء التاريخ.

في الدوحة اكتشف كم نحن غائبات، وكم من السنوات نحتاج حتى نصرخ بان ثقافة "الإناث" هي الحاكمة بدء من "الكيد العظيم" وانتهاء بحفلات الاغتصاب الجماعي للجسد والعقل وربما للزمن الذي حلمنا بأنه يشكل قضية "المرأة". وهنا نقف على مساحة الإناث التي غدت مادة التهكم للرسوم التي اجتاحت العالم قبل أزمة الصحيفة الدنمركية، لأنه من اللحظة التي أطلق فيها تعبير "سحر الشرق" كانت الإناث الجزء الذي يتمركز عليه "السحر" وحكايا شهرزاد واخيرا الصورة النمطية للأنثى "المجهولة" والمتخفية وراء حواجز تغري الجميع لتكسيرها ليس حبا بالحرية، بل للوصول إلى الغنيمة.

الصورة النمطية هي في الواقع ثقافة "الغنيمة" التي تصرخ فينا من باقي الصحراء وأحلام الغزو، وصولا إلى الرغبة في إثبات أن الزمن رغم الحرية لم يتبدل، وأن قضية المرأة هي في النهاية مسألة مرتبطة بكون الذكور يحتاجون لمزيد من تحطيم الغرابة التي تحيط الأنثى.

نحن غائبات وراء ثقافة الغنيمة حتى في مؤتمر "تحالف الحضارات"، لأن المشكلة لا تبدأ بالغرب بل في إنهاء "سحر الشرق" قبل كل شيء ... في الاعتراف بأن القضية في النهاية ألوان من العزلة نفرضها على أنفسنا ثم نسجن الإناث داخلها.