وجهت الادارة الامريكية صفعة موجعة، للمعارضة السورية، بقرارها الذي اتخذته، مؤخرا، بتقديم مبلغ خمسة ملايين دولار، لدعم هذه المعارضة، وشد أزرها في جهودها، لاسقاط النظام السوري!

وقد سارعت بعض أطراف المعارضة الوطنية التي تحترم نفسها، الى رفض هذه الرشوة الامريكية، ومن حيث المبدأ فمن السذاجة الاعتقاد بأن مبلغا تافها كهذا، قادر على اسقاط نظام سياسي مهما كان هشا، حتى لو كان يحكم دولة كرتونية! خاصة وأن غالبية، مكونات المعارضة المعنية بهذا التمويل تقيم في الخارج، وتفتقد لاي امتداد جماهيري داخل سوريا، اما المتحمسون لدور امريكي لتغيير النظام في دمشق، فهم عبارة عن اصحاب ’’ بقالات’’ سياسية، يرتزقون منها، ولا قيمة سياسية لهم عمليا، فيما يحظى المعارضون الحقيقيون في الداخل باحترام كبير، ويدفعون ثمن معارضتهم، بالاعتقال او المضايقة!.

من تقاليد السياسة الخارجية الامريكية، التعامل مع المعارضات في دول العالم الثالث بعنجهية، واضعاف هيبتهم، امام شعوبهم والحكومات التي يعارضونها، وبعض هذه الحكومات صديق أو تابع لواشنطن، و بالنتيجة تصوير هؤلاء المعارضين كمرتزقة، وكشف أوراقهم، حتى لو كان التمويل يتم تحت شعار تشجيع’’ الديمقراطيين’’!، بدل الاكتفاء بتمويلهم بسرية، من خلال أجهزة الاستخبارات!.

سجل الدعم الامريكي للمعارضات في العالم حافل بالفشل، وفي الفضاء العربي، تبدو المعارضة العراقية السابقة ’’ في فترة ما قبل الغزو الامريكي ’’ نموذجا علي كيفية تعامل الادارات الامريكية مع المعارضات، وتوظيفها كورقة، لخدمة استراتيجية واشنطن، فقد فشلت المعارضة العراقية السابقة في الخارج التي كانت تتلقي التمويل الامريكي، بكافة مكوناتها، في احداث أي تغيير تنشده واشنطن، وكان تأثير تلك المعارضة هامشيا في الشارع العراقي، وبهذا الصدد يجدر التذكير ب’’ قانون تحرير العراق ’’ الذي صدر خلال ولاية ادارة كلينتون، وواصلت تطبيقه ادارة بوش الابن، والذي تضمن تقديم مساعدات مالية، بقيمة سبعة وتسعين مليون دولار لأطراف المعارضة العراقية المتعاونة مع واشنطن، التي كانت تقدم تقارير للاستخبارات الامريكية وتروج اعلاميا لكذبة اسلحة الدمار الشامل! وبالنتيجة فقدت تلك المعارضة هيبتها ومصداقيتها، وتبين انها مجرد دكاكين سياسية مأجورة، تسيء لاي عمل سياسي محترم، وكان لابد للادارة الامريكية من، الاعتماد على القوة العسكرية لتحقيق استراتيجيتها، فكان قرار غزو العراق، وقيادة هؤلاء المعارضين علي ظهر دباباتها وتنصيبهم على عراق مدمر!. فهل سيكون حظ المعارضة السورية أفضل، ام ان واشنطن ستفكر، باسقاط نظام جديد بالمظلات؟، ذلك يبدو أمرا مستبعدا، ولا يمكن الاقدام عليه، الا اذا فقدت الادارة الامريكية عقلها تماما، لكن النتيجة الواضحة ان الخمسة ملايين دولار، جاءت بمثابة جرعة قوة للنظام السوري، وورقة قوية لاحتقار المعارضة التي تشتري بثمن تافه!.