لاقت خطوة الحكومة برفع أسعار البنزين والإسمنت استياءً شعبياً واسعاً لدى المواطنين ، ولربما أشعرتهم الزيادة على الرواتب بأن طبخة ما تمت،وما هذه الزيادة سوى رشة توابل ومنكهات للتغطية على الطعم العلقمي لرفع الأسعار، فالمواطنون تاريخياً لم يجدوا في الزيادات سوىامتصاص جزء جديد من دخولهم وقدراتهم الشرائية،ناهيكم عن الشكوك في كون مصالح أفراد بعينهم يستثمرون حديثاً في قطاع الإسمنت المتجه نحو وقف التوسع الحكومي فيه تمهيداً لخصخصته هب التي فرضت زيادة سعر هذه المادة، من دون القيام بإجراءات موضوعية لضبط السوق و وقف الارتفاع الجنوني في الأسعار .

و يمكننا بحسبة بسيطة معرفة أن الزيادة في واردات الخزينة جراء رفع سعري البنزين والإسمنت أو تعديلهما كما يروق للحكومة قوله هي زيادة بمبلغ طائل يفوق بأضعاف مبلغ الزيادة " الدايت " وهي 5 % + 800 ل. س

التي تمكن المواطن من تناول كازوزة يومياً بخمس ليرات ومن ثم تبوّ لها لكن بعشرليرات ،هو وواحد فقط من أفراد أسرته ( متوسط الأسرة السورية 6 أفراد )

لنتخيل الخصوصية الإقتصادية السورية: "كازوزة" يدخل في تصنيعها السكر وعدة مواد كيماوية ومنكهات وملونات وتنقل بالسيارات وتبرد بالبرادات مع هامش ربح للبائع والموزع وفيها اهتلاك آلات ... ثم بعد كل هذا تباع بخمس ليرات فقط منها 1 ليرة ضريبة إنفاق إستهلاكي أي 20% من قيمتها للمستهلك ولكن طرح بقايا نفس الكازوزة يكلف عشر ليرات !!

لا تزال الحكومة تستخدم السلع ذات الطلب غير المرن لتمويل الزيادات الخُلّبية على الرواتب ورفد الخزينة بمال أكثر، وتفرض مطارح ضريبية جديدة غاية في اللاعدالة، ويسرني أن أدلها على مورد جديد ،كان الفضل لرئيس وزراء سابق أن اكتشفه وجرّبه في حلب، ومن ثم تعممت التجربة في القطر لكنها لم تبلغ ذروتها حتىالآن و المورد هو فرض رسم على قضاء الحاجة في دورات المياه العمومية !

واليوم تحددت الخدمة بمبلغ قدره عشر ليرات فإذا كان متوسط ما تطرحة مثانة المواطن السوري يساوي 200 مل خلال التبول مرة واحدة، فإن طرح ليتر واحد يكلف المواطن مبلغ 50 ليرة سورية أي أكثر بعشرين ليرة من سعر ليتر البنزين حتى بعد رفعه الأخير ،مع الفارق الكبير بين الربح في الحالتين فالبنزين يباع بأقل من سعره العالمي ولا ضير في ذلك فالمواطن السوري أقل من نظيره العالمي في كل شيء من الدخل وحتى الحريات ، والحكومة إذ تبيعه البنزين كذلك فعلى مبدأ من دهنه سقِّي لهُ!

والبنزين لا يحقق قيمة زائدة عالية فتكاليف إنتاجه كبيرة ودورتها واسعة ومعقدة،

أما البول فهو يحقق قيمة زائدة أسطورية والاستثمار فيه بسيط ولا يحتاج سوى إلى:

مياه الشبكة العامة وصابون رديء من تبع الخمس ليرات أو الثلاثة بعشرة و محارم رديئة أو منشفة منتنة متسخة، وعند توزيع الكلفة على عدد المستخدمين لن يكلف تبول المواطن الواحد أكثر من خمسين قرشاً ، في حين يبلغ العائد الصافي من هذه العملية الانتاجية الخلاقة 950 قرش سوري

أي بقيمة زائدة نسبتها 1900 %

وهي لعمري تجعل شركات الخلوي والبرمجيات تدوخ و تراجع نفسها، و تُسـّيل لعاب "هالبيرتون" و"شل" بعيداً عن منابع النفط بإتجاه الاستثمار في بول السوريين ،

فإذا تم تعميم المراحيض وإنشاؤها على إمتداد القطر، وتلزيمها لمستثمرين جدد فإن متوسط

عد د مستخدميها سيتجاوز الـ 2 مليون مواطن يومياً في الحدود الدنيا بعائد لا يقل عن سبعة مليارات ليرة سورية تتاقسمها الحكومة مع المستثمرين.

العقل الاستثماري السوري " فلتة " يحول البولَ ذهباً

ماذا عن الأشياء الأخرى ؟ و هل يحقق الاستثمار في إلاسمنت نفس الربح ؟ لنفترض أن الطاقة الانتاجية لمعمل جديد تبلغ 1 مليون طن سنوياً وفضل القيمة الذي تخلقه صناعة الاسمنت لا تتجاوز 50 % علماً أن تكلفة إنشاء مصنع متوسط كهذا تبلغ العشرة مليارات ليرة ،هذا يعني أ ن المعمل لن يحقق ربحاً صافياً أكثر من 5 مليار ليرة!

الليبرالية الجديدة قادمة ! وعلينا ضبط مثاناتنا وربما نصاب قبل عسر البولْ

بــ "البوليرالية" أي بـِعُسر البَوْحْ!!