نجيب نصير

يتميز مؤتمر الإصلاح الذي تعقده مكتبة الإسكندرية بالجدة العلمية وحتى المعرفية، ولكنه ورغم ذلك يندرج في إطار التسويف المعروف، أو بطريقة أخرى معروفة جدا هي الهروب أي الإمام، فالزمن هو العامل الوحيد لاستمرار اللا إصلاح، ليس عن طريق الوعد به أو إصدار قوانين بعد الوعود تستهلك زمنا ومن ثم تستهلك زمنا أيضا لتعديلها وهكذا وربما بعد مائتي سنة من الآن يمكن لقانون حرية الصحافة مثلا ان يبدو مناسبا لوقتنا الحالي !!! ولكن المسألة تبدو مؤجلة وعلى الوعد يا كمون لأنها لا تمتلك أية آلية للتطبيق لا اجتماعيا ولا حقوقيا ولا حكوميا ولا سلطويا أو حتى سياسيا... فإذا أضفنا ان ما توصل إليه باحثوا مكتبة الإسكندرية هو خلاصات محقة وجيدة ولكن الزمن لن يرحمها تبديلا وارتقاء فان الحصيلة سوف تقارب الصفر قريبا أي ان الموضوع برمته لا يستحق البحث من الأساس إلا في شقه الإحصائي أما الاستنتاجات والنتائج فهي لا تساوي شيئا، فالصالح لهذا الزمن بين والطالح كذلك، فعلام كل هذا العناء الذي لا يجلب سوى الحسرة.

الإصلاح على يدي المثقفين العرب يشبه إلى حد بعيد القضاء على الفقر على يدي الجمعيات الخيرية، هو في حقيقته براءة ذمة من التاريخ، فلا المجتمعات العربية راضية عن هكذا نوعية من الإصلاح ولا السلطات وبالتالي فان الصراخ بالبرية ينتج كواكبيا آخر أو رفاعة طهطاوي آخر يظل العرب يناقشون رأيهم كوجهة نظر قرونا ولا يصلون إلى شيء سوى بضع احتفالات في ذكرى رحيلهم.

واليوم ونحن في العام 2006 من يستطيع القول وليس الجزم اننا كذهنية مجتمعية معاصرة أفضل من ذهنيتنا المجتمعية في الخمسينات أو الأربعينيات ؟ على الرغم من كل هذه الاختراعات الحداثية وتطوراتها من يستطيع القول ان الدولة كمخترع حديث (وليس كمنتج لغوي) أصبحت أكثر جودة من السابق ؟؟؟؟

اليوم الإصلاح، التقارير والأبحاث والاضاءات والمعارف والمعلومات وفوقها ما سيأتي لنكتشف اننا وبحساب عامل الزمن اننا بحاجة إلى إصلاح الإصلاح وإصلاح إصلاح الإصلاح ثم إلى إصلاح إصلاح إصلاح إصلاح اص......لاح الإصلاح ، ترى هل تصمد امة إلى ذلك الوقت دون ارتقاء .