المملكة تؤكد حرصها على استقرار لبنان ووحدة أراضيه

المستقبل

اكد الرئيس الفرنسي جاك شيراك امس، في ختام زيارة الى السعودية، ان هناك تطابقا في وجهات النظر بين فرنسا والسعودية بخصوص لبنان، مطالبا دمشق بضرورة التعاون مع التحقيق الدولي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومتمنيا ان تتمكن الحكومة اللبنانية من القيام بالاصلاحات اللازمة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي من دون تدخل خارجي. فيما اكد مجلس الوزراء السعودي الذي انعقد برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حرص المملكة على استقرار لبنان ووحدة اراضيه.
وقال شيراك في مؤتمر صحافي اجمل فيه نتائج زيارته ان "تحليلاتنا متوافقة وبنفس الاهداف متمنيا قبل كل شيء الاستقرار والهدوء في المنطقة"، كما اعرب عن تمنياته بان "تتمكن الحكومة اللبنانية من القيام بالاصلاحات اللازمة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي من دون تدخل خارجي" مذكرا بتأييده المستمر للبنان وبقائه مستقلا وينعم بمؤسسات تسمح باجراء الاصلاحات الواجبة بشكل ملح للشعب اللبناني.
واشار شيراك الى ان هناك تناغما بين بلاده والمملكة العربية السعودية في نظرتهما تجاه المواضيع الاقليمية والدولية، مشيرا الى ان محادثاته مع المسؤولين في المملكة اتسمت بالتفاهم والودية.
واستعرض في المؤتمر الصحافي الذي عقده في قصر المؤتمرات في الرياض قبل ان يغادر الرياض الملفات التي بحثها مع العاهل السعودي والمسؤولين في المملكة. واوجز ما تم الحديث عنه جنبا الى جنب وبشكل مطول مع خادم الحرمين الشريفين بخصوص كبريات الملفات الدولية لا سيما منها الاقليمية التي تشغل بال الجميع ومن بينها الملف الايراني والعراق وفلسطين والصعوبات التي تواجهها المنطقة.
وعن الموقف حول الملف النووي الايراني، اكد ان "المجتمع الدولي لن يصيبه اليأس من محاولة اقناع طهران باحترام تعهداتها" وقال "نحن قلقون بالطبع ازاء الوضع في ايران".
وقال "املنا ان تتمكن الجهود التي بذلها الاوروبيون، فرنسا والمانيا وبريطانيا، من اقناع الايرانيين بالحاجة الماسة الى ضرورة احترام تلك التعهدات في ما يتعلق بالنشاطات النووية".
وتابع ان "رد فعل ايران كان مخيبا للآمال لكنه لم يدفعنا الى الاحباط.. ان على المجتمع الدولي ان يضع ايران امام مسؤولياتها ومن الضروري ان يتم احترام التوافق الدولي".
واكد شيراك حرص بلاده على التعاون مع المملكة في المجال الاقتصادي مثنيا على المناخ الاستثماري الذي تشهده المملكة خاصة بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، وقال ان بلاده ايدت انضمام المملكة الى المنظمة.
وفي مجال الدفاع والامن نوه الرئيس الفرنسي بالتعاون القائم بين المملكة وفرنسا مبينا ان هذا التعاون سيتطور في المستقبل.
واشار الى انه ناقش مع المسؤولين في المملكة كل ما يمكن ان يتم ويتحقق في اطار مكافحة الارهاب مشيدا بالجهود التي تقوم بها المملكة في التصدي لهذه الظاهرة بكل حزم وتصميم.
وتطرق كذلك للتعاون الثقافي بين البلدين، كاشفا ان بلاده بصدد تنظيم معرض مخصص لحضارة الفنون السعودية، معربا عن امله ان يزاح الستار عنه العام 2007.
واوضح ان زيارته للمملكة تأتي بعد القيام بالعديد من الاتصالات بين فرنسا والسعودية مذكرا بان بداية هذه الاتصالات تعود الى الزيارة التي قام بها الملك فيصل الى فرنسا في العام 1967.
واعرب الرئيس الفرنسي عن مساندته للجهود الكبيرة التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين في سبيل تكريس الاصلاحات في اطار الحوار الوطني وذلك في ظل احترام ومتطلبات الثقافة السعودية التي تقوم على اساسها عملية التحديث سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي او السياسي، مشيرا الى ما تم التوصل اليه من اقامة انتخابات بلدية تعكس تقاليد عريقة منوها بوجود مجلس الشورى وقال انه يمثل مؤسسة ضاربة في التاريخ في ضوء الثقافة العربية وهو عنصر أساسي للاتفاق ويعود ارساء أسسه للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
كما عبر الرئيس الفرنسي عن سعادته بالقاء كلمة في مجلس الشورى اول من امس واصفا اياها بالذكرى الطيبة بالنسبة له حيث اكد اهمية القيم التي تتميز بها السعودية والتي سمحت له بتكوين فكرة عن الاسس التي يمكن ان يقوم عليها الاتفاق بين البلدين.
وتحدث عن المسائل المتعلقة بالتعاون الاقتصادي من خلال لقائه بالعاهل السعودي والمسؤولين ذوي العلاقة المباشرة بهذا القطاع مؤكدا ان هذه العلاقة بين البلدين مهمة وتقليدية بحيث تستمد وجودها من الطابع الحيوي الذي يتميز به اقتصاد المملكة مما يقود الى القيام بمجهود استثنائي في مجال الاستثمارات الحكومية بشكل كبير يسمح بالاستجابة لمتطلبات وأشكال التطور الاقتصادي والاجتماعي والديموغرافي وتمشيا مع توجهها مع الوضع العالمي وانخراطها الاخير في منظمة التجارة العالمية.
وعن التعاون الثنائي بين المملكة وفرنسا في المجال الثقافي، قال شيراك ان بلاده ساعية منذ فترة طويلة الى اعطاء اهمية للفن الاسلامي مذكرا في نفس الوقت بالزيارة التي قام بها الملك عبد الله العام الماضي الى متحف اللوفر في باريس والتي اسهمت في تكريس هذا التوجه من خلال عرض مجموعات من نماذج للفن الاسلامي في كل من متحفي الرياض وباريس.
واعلن شيراك ان المفاوضات حول توقيع عقود تجارية في مجال الامن والدفاع بين فرنسا والمملكة ما زالت مستمرة ولم تصل الى نتيجة حتى الان قائلا ان "المملكة العربية السعودية تتابع دراستها بشكل نشط ومفصل للوصول الى حلول ممكنة مؤكدا ان ذلك يجري في مناخ ممتاز".
ورأس خادم الحرمين الشريفين الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء التي عقدها امس في قصر اليمامة بالرياض.
وفي بدء الجلسة أطلع العاهل السعودي المجلس على مضامين الاتصالات والرسائل والمشاورات التي تمت خلال الاسبوع الماضي مع عدد من قادة ومبعوثي الدول حول العلاقات الثنائية وقضايا المنطقة والعالم.
واشار الى اهمية الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي للمملكة وبالعلاقة التاريخية التي تربط بين البلدين.
واوضح وزير الثقافة والاعلام اياد بن امين مدني في بيانه لوكالة الانباء السعودية بعد الجلسة ان المجلس أكد على ان الترحيب الرسمي والشعبي الذي يلقاه الرئيس الفرنسي في المملكة يعبر عن تنامي العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، وما تكنه المملكة من تقدير واحترام للرئيس الفرنسي وسياسة بلاده المعتدلة تجاه قضايا المنطقة والعالم، وما يجمع الطرفين من اهتمام بابقاء العالم العربي والاسلامي وجميع دول المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، والحرص على خروج العراق من مأزقه وعلى استقرار لبنان ووحدة اراضيه وعلى اهمية التزام الجميع بقرارات الشرعية الدولية في ما يخص القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة مترابطة".
كما اطلع المجلس بعد ذلك على نتائج الدورة الـ125 لوزراء الخارجية العرب التي عقدت في القاهرة وما توصلت إليه من نتائج حول جدول أعمال القمة العربية القادمة في السودان.
وأعرب المجلس عن أمله في أن يكون في أعمال القمة خطوة نوعية في توحيد مواقف الدول العربية وتكريس التعاون في ما بينها.