السفير

مع بدء اجتماع مجلس امناء <<الوكالة الدولية للطاقة الذرية>> في فيينا امس لبحث الملف النووي الايراني، عرضت روسيا على الولايات المتحدة والترويكا الاوروبية السماح لطهران بالقيام بانشطة تخصيب على اراضيها على نطاق ضيق لاغراض البحث، طالبة من الوكالة ان تحدد المدى المسموح به لايران في هذا المجال بما يبدد الشكوك في امكان ان تحول انشطتها هذه للاستخدام العسكري، في اقتراح سارت به المانيا دون شريكتيها في الترويكا الاوروبية فيما عارضته واشنطن مصرة على احالة الملف الى مجلس الامن.
المشروع الروسي
واوضح الدبلوماسيون ان الخطة الروسية التي تلحظ تخصيب اليورانيوم الذي يحتاج اليه الايرانيون للطاقة المدنية في روسيا، تقبل بمبدأ <<وحدة صغيرة لتخصيب اليورانيوم لاغراض البحث>> في ايران. ووفق هذه الخطة، تقبل ايران ايضا بالمصادقة على البروتوكول الاضافي، وبعدم اطلاق اي انشطة تخصيب بكميات صناعية لفترة محددة. وقال دبلوماسي مطلع على المفاوضات <<اذا قبل الاوروبيون ببرنامج الابحاث الايراني، فان طهران مستعدة لتأخير استئناف انشطة على المستوى الصناعي>> مضيفا ان بعض الدول مثل روسيا والمانيا تؤيد الفكرة. غير ان دبلوماسيا شدد على ان المانيا لن تنشق عن الترويكا الاوروبية في هذا الامر.
وقال مسؤول اوروبي رفيع المستوى ان الصفقة بأكملها قد تتوقف على <<الرد الذي سيحصل عليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في واشنطن>> التي يزورها حاليا، خلال لقائه نظيرته الاميركية كوندليسا رايس، مشيرا الى ان جميع الافرقاء سواء كانوا موافقين على المشروع الروسي ام لا، يتمسكون بضرورة ان تقدم ايران اولا على تجميد جميع انشطتها النووية لفترة طويلة بهدف <<اعادة ترسيخ الثقة>> وموضحا ان موسكو تقترح ان تكون تلك الفترة 8 سنوات. الا ان الايرانيين يرفضون هذا التعليق جذريا ويشددون من جهتهم على ان الخطة الروسية لا تشترط التعليق المؤقت للبحث.
ورأى مسؤول رفيع المستوى قريب من الوكالة الذرية، ان محاولة التمييز بين الابحاث المرتبطة بالتخصيب والتخصيب نفسه، يعادل <<محاولة رسم خط في الماء>>. لكن دبلوماسيين أوروبيين قالوا ان روسيا والمدير العام للوكالة الذرية محمد البرادعي يضغطان على الغرب للسماح لإيران بمواصلة أبحاث التخصيب على نطاق محدود تحت مراقبة الوكالة الذرية، وذلك كحل لحفظ ماء الوجه.
واوضح الدبلوماسيون ان المشروع الروسي يدق اسفينا في صفوف الغرب الذي كان موحدا في مواجهة ايران، ذلك ان المانيا ترحب بحذر بالمشروع فيما تعارضه شريكتاها في الترويكا الاوروبية فرنسا وبريطانيا، بدعم من الولايات المتحدة.
واشنطن
في المقابل، قال المندوب الاميركي لدى الامم المتحدة جون بولتون <<لست على علم بهذا الاقتراح، ولكن ثمة عنصرا مركزيا في موقفنا وموقف الترويكا الاوروبية وموقف روسيا، هو عدم القبول باي تخصيب لليورانيوم في ايران>> مضيفا <<حتى برنامج للتخصيب على نطاق محدود هدفه الظاهر اجراء ابحاث، يمكن ان يمنح ايران امكانية تجاوز الصعوبات التقنية التي تصادفها حاليا في برنامجها>>. وتابع <<ما ان تملك ايران القدرة العلمية والتقنية على القيام بالتخصيب، حتى لو اقتصر ذلك على المختبرات، حتى يمكن استخدام هذه القدرة في انشطة تخصيب ذات طابع صناعي، لذا نحن مقتنعون بشدة بوجوب عدم السماح باي تخصيب في ايران وموقفنا ثابت في هذا الاطار>>.
كذلك قال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية، نيكولاس بيرنز، ان امرا لن يتغير <<ما لم تقدم ايران على تحول دراماتيكي وتجميد كل انشطتها النووية>>. اضاف ان الرسالة هي ان طهران <<تخطت الخط الأحمر الدولي>> موضحا <<ويجب ان تكون هناك عملية لدى مجلس الامن للتعامل مع ذلك>>.
البرادعي
وكان البرادعي قد قال قبيل بدء اجتماع مجلس امناء الوكالة الذرية <<ما زالت النقطة الشائكة كما رايتم هي استمرارهم في البحث والتطوير في ما يتعلق باجهزة الطرد المركزي>> مضيفا <<هذه النقطة ما زالت تناقش مرة اخرى هذا الاسبوع وما زلت آمل بشدة ان يشهد الاسبوع المقبل او نحوه التوصل الى اتفاق>>. واوضح البرادعي <<اعتقد ان هناك ادراكا عالميا بأن المسألة الإيرانية لها تداعيات خطيرة على الأمن الدولي. وأمن الشرق الأوسط معرض كذلك بدرجة كبيرة للخطر>> مشددا على ان <<المواجهة (بين الغرب وإيران) قد يكون لها نتائج سلبية ولن توفر لنا حلا دائما>>. وذكر البرادعي انه سيتم بحث الملف الايراني اليوم او غدا خلال جلسة عامة.
وعيدي
وقال رئيس الوفد الايراني الى الوكالة الذرية، جواد وعيدي، من جهته، <<نحن هنا للتوصل الى تسوية، وهذا يتطلب تهدئة الامور>> مضيفا <<في منطقتنا الذين يعرفون كيف يقاتلون هم الذين يعرفون كيف يصنعون السلام ايضا>>. وتابع <<نريد تجنب مجلس الامن الدولي. احالة ملفنا الى مجلس الامن الدولي ليس نهاية العالم لكنه سيكون بدء عملية مواجهة من قبل الاوروبيين. وهذا سيضر بمصالحنا وبمصالحهم كذلك. هذا ليس في مصلحة احد وسيجعل الوضع خارجا عن سيطرة الجميع>>.
وقال <<نريد حلا مقبولا من الطرفين، يجنب الايرانيين اهانة قومية ويحفظ ماء الوجه للاوروبيين>> مضيفا <<يجب ان يدرك الاوروبيون اننا لن نتخلى عن برنامجنا للابحاث>>. وتابع ان <<الغرب يعرف نفوذنا في المنطقة وخصوصا في العراق وفلسطين ولبنان وافغانستان. نأمل الا يمس قرارهم (في القضية النووية) مصالحنا المشتركة في حفط الهدوء والاستقرار في المنطقة>>.
وقال المندوب الإيراني لدى الوكالة، علي أصغر سلطانية، من جهته ان هناك فرصة طيبة للتوصل لاتفاق مع القوى الأوروبية وروسيا.
طهران
في طهران، قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، في عيد الشجرة، <<اذا ارادوا فرض ضغوط سياسية علينا، فسنعيد النظر في قراراتنا وسلوكنا>> مضيفا <<لن ينجحوا في ترهيبنا ولا ننوي ترهيب الآخرين>>، داعيا مجلس امناء الوكالة الذرية الى <<قبول حق ايران>> في مواصلة برنامجها النووي.
وردا على تحذير بولتون، طهران، من <<عواقب وخيمة>> إذا لم توقف برنامجها النووي، اعتبر نائب قائد القوات المسلحة الايرانية غلام علي رشيد إن الولايات المتحدة لم تفهم كيفية التعامل في منطقة الخليج. وقال <<القوات المسلحة الإيرانية من خلال خبراتها في الحرب... ستحول هذه الأرض إلى مقبرة للغزاة لكل من يعتدي عليها>>.