ترجمة ميساء بلال لوموند-27-02-2006

استهينوا بالمتواضعين. ليس لأنهم يريدون أن يحرقوا الأرض, كما انطلقت شعارات الماويين في أيام شباب بريجيت بارديه الباريسية. وليس لأنهم يشكلون الماضي الغابر كما أكدّته المقاطع الغنائية التي تبنّاها توفيق علاّل في نهاية الشتاء الاستعماري عندما صار عضواً في هيئة "دفاتر أيّار" بعد أن رحل إلى باريس بعمر العشرين وفي جيبه شهادته الثانوية الجزائرية. ولكن يجب الاستهانة بهم لأنهم صبورون. يصبرون على الذلّ.

لقد انتظر بريجيت وتوفيق سنتين طويلتين قبل أن يصبح "إعلان الحريّات" الذي أطلقاه , معروفاً خارج حلقة المقرّبين. هذا النص كانا قد كتباه أول دفعة في عام 2004, غداة انطلاق عروض التوحديين في باريس من أجل الحجاب الاٌسلامي. وكان القصد أن يشرحا أنّه من الممكن أن يسمى أحدهم محمد أو إحداهن فاطمة دون أن يكون مؤمناً فضلاً أ، يكون توحيدياً . وحتّى هذا اليوم بضعة من 1800 شخص وقّع عليه.

ويوم الأربعاء 24 شباط فتح مسرح الشمس لأريان منوشكين, في فانسين, لهما أبوابه , حيث أثيرت مناقشة حول" الرقابة باسم الاٌسلام" وذلك بسبب أزمة الكاريكاتورات الشهيرة. وكان أسلوباً لتكريس إنجاز هذا الزوج الفرنسي الجزائري, الذي استطاع أن يعيد تجميع شخصيات لها سمعتها , ديموقراطيين من الساحة المسلمة ومثقفين مشهورين مثل المؤرخ محمد الحربي أو الفيلسوف جاك ديريدا.

هذا التجمع من المؤمنين, هذه "الأمة التخيلية والمبرمجة", التي تلقي طيفاً ل" مجتمع ليس فيه مساواة , يعاقب بشدة ,غير محتمل", كما يصفه الإعلان الجرئ , لم يقبل به توفيق علاّل الذي ولد في أسرة من تلمسان (الجزائر) , سكنت في أوجدا( المغرب). في بعض الليالي من العام1954 كان توفيق وإحدى أخواته الصغيرات يستفيقون بسبب صراخ الرجال المنبعث من المخفر بجانب البيت أثناء القيام بتعذيبهم. كان بيت العائلة واقعاً بين موقع الشرطة والمسجد. " في مثل هذه الليالي, كانت أمي تأتي لتضمنا بين ذراعيها. كانت تدعو إلى الله"كما يروي توفيق.ويضيف: هذا الإيمان الذي يسكنها كان " شغفاً , موروثاً , شيئاً داخلياً ". وبالمقابل كانت الدعوة إلى صلاة الفجر, من المؤذن , تبدو له" قصريّة وبلهاء" , لأنها لا ترتبط بأي من مخاوف الليل.

يعترف توفيق بأنه لم يداوم في المدرسة الدينية سوى ثلاث أشهر وفضّل عليها الأمسيات العلمية التي كان ينظمها الوطنيون . يشرح توفيق: " هؤلاء الذين علّمونا مبادئ القواعد والجغرافية , هم النخبة العرب. إن مجرّد رؤيتهم كانت تعطينا الأمل - كانوا يمثلون إمكانية مقاومة الهيمنة الاستعمارية_ بعيداً عن الوقع المميت للفقر وللشعب".

أما بالنسبة لبريجيت علاّل فإنها تلخّص علاقتها بالدين بجملة واحدة :" في عائلتي البورجوازية غير المؤمنة , كنا نتردد إلى دروس الدين مثلما كنا نذهب لتعلّم العزف على البيانو." أما هي فكانت تهتم بالأدب: دوراس , باتايّ, أبوللونير. خلال دراستها للأدب الكلاسيكي وقبل أن تصبح مدرّسة اشتركت بالمظاهرات التي تدعو إلى استقلال الجزائر. وفيما بعد اندفعت بكل قوّة , مثل زوج لمستقبل , في موجة اليسار في أيار 1968.

وضمن الحركات النسائية شاركت بريجيت أيضاً في حركة النضال من أجل حرية الإجهاض ومنع الحمل . وعندما تراجع نفسها تأسف لأن الحركة لم تكن حاضرة في المعاهد والجامعات وتقول :" كان من الممكن أن لا تتطور الأمور بهذا الشكل , مثلاً , في قضية الحجاب." ويعلق زوجها قائلاً :" أعتقد أن هذا لم يكن سيغيّر شيئاً."

لقد اجتمع الزوجان لأول مرّة خلال عملهما المشترك في نفس الخليّة الفعّالة للدوار الخامس في باريس , عام 1970 وتزوجا في عام 1997 بعد وقت طويل من ولادة طفليهما. بدأ توفيق علاّل كعامل بنّاء ثم كمصحّح في دور النشر وانتقل شيئاً فشيئاً من اليسارية إلى العمل النقابي.

تقول بريجيت :" إن الزواج المختلط معقّد , ليس أمامه فسحة ليتنفس فيها إلا السياسة ." لأنك إذا استمعت إلى الإسلاميين أو غيرهم , سوف تكون النتيجة أنه إذا دعيت بتوفيق أو علاّل فأنت أوتوماتيكياً مسلم و\أو عربي.هذه الإيحاءات بالهوية يرفضها موقعو الإعلان بكل قوة. ويقولون :" إذا خضعنا لهذا فإن كل تاريخنا يصبح بلا قيمة."

إن نوايا الإسلاميين الذي تظاهروا في باريس عام 2004 للدفاع عن الحجاب تثيرهم . وليسوا وحدهم الذين تفاعلوا مع الموضوع. هناك المحلل النفسي فتحي بن سلامة, التونسي الأصل , الباحثة نادية تازي , المغربية الأصل, الإيرانية شهلة شفيق, والقاضي نورالدبن سعادة أو العاملة السابقة في الأونيسكو وسيلة تامزالي, الجزائريين , هؤلاء جميعاً اشتركوا في المعركة.

لقد وضعت الصيغة الأولية لإعلان الحريات وموّلت. أما النص النهائي فقد أعلن في 16 شباط 2004.
" نحن كرجال ونساء من ثقافة إسلامية , مؤمنين أو ملحدين , نرفض بكل قوانا الإعلانات والأفعال التي تدل على كره النساء والمعاداة للسامية التي نشهدها منذ فترة في فرنسة والتي تستغلّ اسم الإسلام ." هكذا يبدأ الإعلان . متوافقاً مع" الإسلام السياسي الذي يحارب بشدة في في بلادنا الأصلية ومنذ وقت طويل ." إن موقعي الإعلان يطالبون ب"علمانية حية" ويعتبرونها موروثاً للنضال الذي خاضه أهلهم ,"الذين ينتمون إلى طبقات اجتماعية وثقافات وشعوب وأمم قبل أن ينتموا إلى الإسلام " وهذا لم يمنع توفيق علاّل وبريجيت من تسمية أحد أبنائهما "المهدي" ( بالعربية المرسل) وأحد أسماء الرسول...

1940مولد بريجيت باردية في باريس-
1947مولد توفيق علاّل في أودجا (المغرب)
1970 حب من أول نظرة في باريس
2004 نشر إعلان الحريات-2006 مناقشة في فانسين الجمعة 24 شباط عن الرقابة باسم الإسلام