محمود شعبان النمروطي "دنيا الوطن"

لقد سجل الاقتصاد الفلسطيني محطات إيجابية خلال الفترة 94 ولغاية الأول من أكتوبر عام 2000م تتعلق بالناتج المحلي بمعدل نمو وفق صندوق النقد الدولي بلغ 6% من الدخل القومي 5% من الناتج المحلي وهذا يعتبر مؤشرا إيجابيا لمجمل النشاط الاقتصادي الفلسطيني، إلا أن السياسات والإجراءات الاسرائيلية والتي واكبت انتفاضة الأقصى وعلى جميع الأصعدة من فرض حصار اقتصادي وإغلاق شامل وقيود مشددة على حركة الأفراد والبضائع بالإضافة الى منع آلاف من العمال من الوصول الى مواقع عملهم داخل إسرائيل وتجريف الأراضي الزراعية وتدمير البنية التحتية وفرض القيود على الصادرات والواردات لأراضي السلطة الوطنية ، ورفض تحويل المستحقات مما أدي الى خلق واقع اجتماعي خطير من ارتفاع نسبة البطالة والفقر في المجتمع الفلسطيني الى أكثر من نسبة 60%، وصولا الى مرحلة الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية والتي اعتبرت كبارقة أمل جديدة لدفع العجلة الاقتصادية لتعويض الخسائر التي لحقت به رغم عجز موازنة السلطة والتي تفوق 800 مليون دولار وخسائر مباشرة وغير مباشرة في القطاعات الاقتصادية والحياتية الفلسطينية تقدر بمئات الملايين من الدولارات .

مما سبق يتضح أن الاقتصاد الفلسطيني ليس في حاجة الى معوقات جديدة أو حتى مجازفات غير مدروسة وخاصة بعد نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة والتي أعطت مؤشرات سلبية للاقتصاد من تراجع ملحوظ في التداول اليومي ، والتخوف من المستقبل وعدم وضوح الرؤية أو الاطمئنان لاستقرار سياسي والامتناع الذي أصاب المواطنين من حيث انخفضت القوة الشرائية لديهم ، مما أنعكس سلبا على المعاملات التجارية والطلبيات الخارجية وخاصة ان الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد خدماتي ويعود هذا الانخفاض الي جملة من الأسباب نختصرها في التالي:-

 أن حركة حماس والتي فازت في الانتخابات الأخيرة ليس لديهم التجربة الاقتصادية أو رؤية واضحة ، رغم تجربتهم المحدودة في بعض المؤسسات الخدماتية ، وخاصة أن الاقتصاد مازال يعاني من الخسائر التي لحقت به جراء الانتفاضة ولم يتعافى بعد.

 التخوف من سن قوانين أو تشريعات تحد من السوق الحر وتعمل على زيادة الإجراءات والتعقيدات الادراية ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الارتباطات التجارية مرتبطة بإسرائيل وهي الشريك الأكبر للفلسطينين اقتصاديا وتجاريا.

 الحديث الذي يدور حول تخفيض الرواتب مما ينعكس تلقائيا الى انخفاض نسبة الاستهلاك لدى المواطن وزيادة نسبة الادخار لديه تخوفا من المستقبل علما أن ذلك لا يؤثر على الموظف فقط حيث الغالبية العظمى إقترضت من البنوك المختلفة بكفالة رواتبهم أي كارثة اقتصادية .

 ما يدور من تهديدات بإيقاف المساعدات الخارجية الدولية ، والتي تنعكس وبشكل مباشر على المجتمع الفلسطيني بشكل عام ، مع العلم أن الأموال التي تحول من إسرائيل تمثل 48% من رواتب الموظفين في السلطة الوطنية وعددهم 150 ألف موظف يكفلوا حوالي مليون فلسطيني.

 التخوف من عدم وجود استقرار سياسي والذي ينعكس على تراجع اقتصادي ، يؤدي الى ارتفاع نسبة البطالة مما يعني إشارات لتأجيج العنف ونسف أي استقرار.

 تحمل السلطة كل الأعباء السابقة هي زيادة على الموازنة العامة حتى تغطي العجز الحياتي للمواطنين ولن تستطيع تلبية هذه الطموحات بدون اقتصاد معافا وقوي .

أن الأسباب السابقة وما نتج عنها وبشكل واضح هي انعكاسات طبيعية ، علما أن الاقتصاد الفلسطيني يفتقر الى أي استثمارات كبيرة في البنية التحتية فهو اقتصاد استهلاكي خدماتي مرتبط في الاستقرار السياسي لدى المواطن الفلسطيني، فأي خطوة ليس في مكانها ستؤدي وبكل بساطة الى تعطيل الطاقات الاقتصادية وامتناع عن أي استثمارات يمكن أقامتها أو تطوير ما هو موجود منها وعدم خلق الأرضية الجيدة لهذه المشاريع ، وفي المقابل نجد أن ردة الفعل تبدأ لدى المواطن في التركيز فقط على الضروريات وتغير العادات الاستهلاكية ،ومن ثمة يتبعه الاقتصاديين في الحد من الأنشطة الاقتصادية وتخفيض الكميات المستوردة أو حتى المنتجة .وكل المستثمرين والاقتصاديين يعيشوا حالة من ترقب الأمور للقيام بالدور واتخاذ القرار المناسب في الأنشطة الاقتصادية ، ولذلك نصل الى أنه ليس هناك ضمانات وتطمينات اقتصادية كافية من قبل حركة حماس الذين فازوا في الانتخابات التشريعية الأخيرة ، أو حتى دوافع رافعة للاقتصاد الفلسطيني ، وأن التلكع في تشكيل الحكومة سيؤدي الى استمرار الأزمة الاقتصادية والتي ترتبط في برنامج هذه الحكومة سياسيا واقتصاديا ، والذي سينعكس بالسلب أو الإيجابية على الأوضاع المعيشية والاقتصادية والتي ستصل الى قمتها في حالة استمرت الأسباب السابقة بدون معالجة مسئولة ، والذي بدوره سيؤثر وبشكل مباشر على الخدمات التي تقدمها السلطة من صحة وتعليم .....الخ