معاريف

يوسف حريف

زرع آفي ديختر إرباكاً في "كديما" هذا الأسبوع عندما أعلن فجأة عن خطة انسحاب آحادية الجانب إضافية. وبحسب هذه الخطة ستنفذ الحكومة ـ في حال ترأسها حزب كديما ـ إخلاء لمستوطنات معينة، لا سيما مستوطنات معزولة، وستمزجها داخل الكتل الاستيطانية الرئيسية في الضفة الغربية. هذا الانسحاب الأحادي الجانب يطلق عليه ديختر اسم "فك ارتباط مدني"، أي أن المناطق التي ستخلى ستبقى خاضعة لسيطرة الجيش الاسرائيلي.
يبدو أن الارباك الذي أوجده هذا الاعلان ينبع من حقيقة أنه يتناقض مع تصريحات شارون التي أطلقها في أعقاب تنفيذ فك الارتباط عن غوش قطيف وشمال الضفة. حينها صرّح شارون أن فك الارتباط هذا سيكون لمرة واحدة، وأن كل انسحاب آخر سيكون ضمن إطار المفاوضات مع الفلسطينيين بشأن التسوية الدائمة، وفق "خارطة الطريق". لكن خطة ديختر تتجاهل في الواقع "خارطة الطريق" التي اعتبرها شارون الطريق الوحيدة للتوصل الى تسوية مع الفلسطينيين. وقد كان شارون فخوراً بالتفاهم الذي توصل إليه مع رئيس الولايات المتحدة بخصوص جوهر "خارطة الطريق"، التي لبت عدداً من المطالب الحيوية الاسرائيلية. وعليه، كيف تتساوق خطة "كديما" في الضفة الغربية مع كلام رئيس الحكومة بالوكالة، إيهود أولمرت، في مؤتمر هرتسليا، والذي أثنى فيه على شارون والذي انتهى بما يشبه الوعد: "على نوره سنسير"؟
أول من خرج ضد خطة ديختر كان شمعون بيريس الذي أوضح أنه يعارض مبدئياً الخطوة الأحادية الجانب الاضافية. وفي رأيه، من المناسب لاسرائيل أن تنتظر لترى ما الذي سينشأ على الطرف الفلسطيني في عهد حماس.
في موازاة خطة إخلاء المستوطنات وفق صيغة ديختر، نشر أن المؤسسة الأمنية تعتقد أن فك الارتباط الاحادي الجانب في الضفة الغربية "سيكون جيداً لاسرائيل". ومن المثير للاهتمام معرفة من يختبئ وراء هذه التصريحات الوردية. ألا يتذكر أحد التقديرات التي أغدقت علينا قبل الانسحاب من غوش قطيف والتي تفيد أنه في أعقاب الانسحاب سيتحسن الوضع الأمني لاسرائيل؟
إن كل انسحاب إضافي من دون اتفاق سيكون حكماً سيئاً لاسرائيل. ومن شأن مثل هذا الانسحاب أن يفسر على أنه خضوع للارهاب، ومن شأنه أيضاً تشجيع المنظمات المتطرفة، بما فيها حماس، على مفاقمة حدة حربها بهدف إرغام اسرائيل على تنفيذ مطالبها.
نسب الى رئيس الحكومة بالوكالة، أولمرت، نيته الحصول على تأييد دولي لانسحاب اسرائيلي إضافي. عن أي تأييد يتحدثون؟ فالأسرة الدولية لن تنظر بعين الرضى الى كل انسحاب إضافي تنفذه اسرائيل من مناطق الضفة الغربية فحسب، بل إنه من الوهم الاعتقاد أنها ستكتفي بذلك. ذلك أن الموقف التقليدي لمعظم الدول هو أنه من أجل السلام يتعين على اسرائيل أن تنسحب الى حدود 1967، والقيام بتعديلات طفيفة على الحدود. وليس من المؤكد أنه في ظل تلك "التعديلات الحدودية" سيكون اتفاق على إبقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة في يد اسرائيل في حال عارض الفلسطينيون ذلك. إن الخطة السياسية لديختر ما هي إلا خطة فجة، ومن الأفضل سحبها.