يقول عضو الهيئة الوطنية لإعداد مشروع قانون جديد للانتخاب، بول سالم، ان الهيئة تنتظر تعيين عضوين مارونيين مكان العضوين ميشال تابت والمحامي زياد بارود المنسحبين من الهيئة كما تنتظر جواب الحكومة حول ما نص عليه اتفاق الطائف لجهة اعتماد المحافظة دائرة انتخابية ولكن بعد اعادة النظر في التقسيم الاداري كي تستطيع الهيئة اجراء التقسيمات في ضوء هذا الجواب، والموافقة ايضاً على تمديد المهلة المحددة للهيئة كي تنجز عملها، وهي الآن متوقفة عن عقد الاجتماعات ريثما يبت موضوع انسحاب العضوين تابت وبارود منها.

ويضيف سالم ان العضوين اللذين انسحبا من الهيئة طلبا ان تعتمد الهيئة تقسيماً واحداً للدوائر الانتخابية وفقاً لرؤية مشتركة وليس تقسيمين يترك للحكومة ولمجلس النواب اختيار واحد منهما، وانهما يؤيدان مشروع الدوائر الـ13 كتسوية وليس مشروع الدوائر التسع، وهو يأمل ان يعيد العضوان المنسحبان النظر في موقفهما لأن باب المناقشات حول تقسيم الدوائر لا يزال مفتوحاً ولم تصبح التقسيمات المقترحة نهائية، وهي قابلة لاعادة النظر فيها على نحو يوفّق بين مختلف الاراء.

ومن جهة اخرى فان المشروع المقترح يعتبر بمجمله افضل مشروع لتأمين صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب واجياله وفعالية ذلك التمثيل ويضمن بالتالي حق الاقليات في انتخاب من يمثلها باعتماد النظام النسبي وليس النظام الاكثري الذي لا يحقق التمثيل الصحيح لهذه الاقليات اذ ان معظم من يمثلونها يأتي بهم طغيان الاكثرية حزبية كانت ام طائفية وذلك بتجيير أصواتها لمن لا يمثل تمثيلاً صحيحاً بيئته ومجتمعه. والمشروع يقترح تقيّد المرشحين بلوائح مقفلة وعلى الناخب ان يختار مرشحين اثنين على الاكثر من اللائحة كي لا تطغى مجموعة ناخبة على مجموعة اخرى او اكثرية على اقلية، ولكي يأتي التمثيل الصحيح لكل القوى في الدائرة بحيث لا تقل نسبة ما يناله المرشح عن عشرة في المئة من عدد المقترعين وان تصويت الناخب لمرشحين اثنين من شأنه ان يحول دون التجيير الواسع للاصوات بحيث يفوز مرشحون باصوات مجيّرة لهم وليس بقوة الهيئة الناخبة التي يملكونها وان تأهيل المرشحين على اساس القضاء يحقق التمثيل الصحيح ايضاً اذ انه عند اجراء عملية الفرز يفوز المرشحون الثلاثة الاول الذين نالوا اكثرية اصوات الناخبين في القضاء.

الواقع ان ضيق الوقت واقتراب نهاية المهلة المحددة لعمل الهيئة لم يمكن من اجراء مناقشة مستفيضة لتقسيم الدوائر الانتخابية على نحو يرضي الجميع، وفي ما يتعلق ببيروت فان تقسيمها الى ثلاث دوائر جاء قريباً من التقسيم الذي اعتمد في قانون 1960 للانتخابات.

ويعلق سالم اهمية في تأمين صحة التمثيل، على ميزة التأهيل واعتماد النظام النسبي والتصويت لمرشحين اثنين فقط في اللائحة المقفلة بحيث يفوز من المرشحين من يتمتع بقوة شعبية ذاتية وليس بقوة مجيّرة وهذا يشكل ضماناً لتمثيل الاقليات ويحول دون ذوبانها في الاكثريات، كما يؤمن وصول قوى سياسية فاعلة ولها تمثيلها الصحيح الى مجلس النواب، كانت تحول دون وصولها اليه قوانين انتخابية سابقة.

لذلك لا بد من تحقيق تمثيل سياسي صحيح في مجلس النواب المقبل، خصوصاً في المرحلة التي يمر بها لبـــــنان، وهي مرحلة تعتبر تأسيسية وينـــــبغي ان تكون كل القوى مــــــمثلة تمثـــــيلاً صحيحاً وان يكون للمرأة "كوتا" في هذا المجلس بحـــــيث لا يقل عدد المرشحين من النساء في كل لائحة عن نسبة العشرين في المئة من مجموع المرشحين فيها، وان يشارك الناخبون اللبنانيون في عملية الاقـــتراع حيث يقيمون، ولا يحرمون هذا الحـــــق لمجــــــرد وجــــــودهم في الخارج، وان تعتمد البطاقة الانتخابية او جواز السفر لهؤلاء عند الاقتراع.

وان منح حق الاقتراع لكل من بلغ الـ18 سنة من عمره من شأنه ان يؤمن فعالية التمثيل لشتى فئات الشعب واجياله.

والاسئلة التي تطرح في الاوساط السياسية هي: هل يتم التوصل الى اتفاق بين اهل السلطة، وهم على خلافهم المعروف، على تعيين عضوين مارونيين جديدين في الهيئة الوطنية لقانون الانتخاب لكي تستطيع معاودة عملها واستئناف عقد الاجتماعات لانجاز مشروع القانون الجديد بصيغته النهائية؟

وما هي المهلة الجديدة التي ستعطى للهيئة لكي تنجز عملها؟ وهل تأخذ الحكومة الحالية او اي حكومة اخرى تخلفها ومن ثم مجلس النواب، بالمشروع الذي تضعه الهيئة بصيغته النهائية؟ وهل تبقى هذه الهيئة مسؤولة عن مشروعها اذا ما ادخلت عليه الحكومة ومجلس النواب تعديلات جوهرية واساسية خدمة لمصالح احزاب وكتل نيابية لها وجودها داخل الحكومة وداخل المجلس؟

من المعلوم ان قانون الانتخاب كان يثير دائماً اهتمام كل عهد، لاسيما في تقسيم الدوائر، بحيث يأتي تقسيمها على قياس مرشحين معينين وخدمة لاوضاعهم الانتخابية، ولتأمين وصول اكثرية الى مجلس النواب تدين بالولاء لكل عهد جديد، فهل يمر مشروع قانون ليس على قياس مرشحين معينين بل على قياس الوطن بكل فئاته ومكوناته وها ان الخلاف بين السياسيين على تقسيم الدوائر يبدأ بعد الخلاف على ذلك بين اعضاء الهيئة؟

ان الهيئة الوطنية سوف تقوم باتصالات مع مراجع سياسية ودينية اساسية لشرح مضمون المشروع المقترح فلا ينظر اليه كجزء بل ككل والاستماع الى ارائهم وملاحظاتهم قبل وضعه بصيغته النهائية عندما تستأنف الهيئة عملها بعد تعيين عضوين جديدين مكان العضوين المنسحبين، وتمديد مهلة عمل الهيئة، وهو ما يجعل المشروع يتأخر انجازه ومن ثم اقراره في مجلس الوزراء وفي مجلس النواب حتى شهر أيار، اذا لم يطرأ ما يحول دون ذلك.