نجيب نصير

لعل الأزمة التي تشكلت حول موضوع شركة موانئ دبي العالمية، تودي بنا وفورا إلى النقيق حول العنصرية تجاهنا نحن الشعوب العربية وعدم السماح لنا اختراق أو الارتقاء في طبقات البزنس العالمي، ورب سائل عن معنى التردد الأمريكي الغربي وربما عرقلة إعطاء هذا العمل لشركة ( عربية ) أثبتت جدارتها في هذا المجال (إدارة بعض الموانئ الأمريكية) متجها وعن فوره إلى العنت الغربي تجاه كل ما هو عربي، وفي ظل غليان هذه المقولة السهلة للعقل البسيط والذي يرجع بساطته للاضطهاد والمؤامرة.

ولكن الأهم الذي لم يقل أو يفكر فيه أحد هو من هي شركة موانئ دبي العالمية ؟ ، وهل تدار الموانئ من قبل شركات ؟ وما هما العلم والمعرفة اللازمتين لهكذا نوع من الأعمال؟ وهل هما ضروريان لدرجة ان هناك مناقصة عالمية تقام للحصول على هذه الخدمة ؟ وكيف حصلت دبي البلد العربي على هذه التقنية الخطيرة لدرجة أنها أصبحت عالمية وتدخل في هكذا مناقصات ؟ وهل شركة موانئ دبي هي شركة عربية على قدها ام هي شركة معولمة خاضعة لمتطلبات العصر وأدواته ؟ كلها أسئلة وربما غيرها تضعنا اما مستحقات يومية معاشة.... إذ كيف لدولة صغيرة ان تحقق كل هذا الإنجاز المتداول عالميا ولا تستطيعه دول كبرى لها باعها في السياسة والاقتصاد و (الإدارة ) ؟؟؟؟؟ خصوصا إذا علمنا ان ميناء دبي الحديث نفسه هو ميناء صغير العمر بالمقارنة بموانئ تعود إلى عصور الفراعنة والفينقييين ؟؟؟؟!!!

ربما لم يخطر لنا يوما، بأننا نعيش اليوم، ولم يخطر لنا يوما ان الحضارة والمعرفة تبنى بأيدي جميع العالم وليس لأحد في هذا الباب فضل على أحد، وان العالم متغير ولا ينتظر، لأنه ومن المعروف ان شركة موانئ دبي هي شركة معولمة ناتجة عن شراء الخبرات الإدارية هذا الاختراع المعاصر الذي يمكن تسويقه وإنتاج أرباح من عملية تطبيقاته الواقعية، هذه هي المسألة ببساطة، اي ان النجاح الإداري هو قيمة بحد ذاته وفي حال أصبح على درجة من الأهلية يمكن تحويله إلى منتج يمكن بيعه والربح منه، اما ان نترك كل هذا ونفتي بالعنصرية الإدارية فانه مداورة كي نعطي لكل فشل وساما ولكل عنصرية مبررا للممارسة.

ربما كان من قبيل المنافسة وسم شركة موانئ دبي الفائزة بالعقد، عقد إدارة بعض الموانئ الأمريكية، وسمها بالعربية ربطا وبطريقة ما مع الإرهاب، ولكن هل يكفي للدفاع عنها قولنا ان ليس كل العرب إرهابيين وأنهم بعض بعضهم فئة ضالة ؟خصوصا إذا علمنا ان الكثير من الأسرار والبرامج سوف تؤتمن عليها شركة إدارة الميناء، حيث يتم ربط الحاضر بالماضي بطريقة أو بأخرى وبالتالي كسب المنافسين لهذه المباراة من باب ماضينا نحن وإعطائهم الحق بالتحكم من الباب الأمني المطاط، وكل ذلك بسبب رفضنا الدخول إلى العصر دون حمولتنا التراثية، كحمولة مستقلة وثابتة ومبجلة، ليتحول الماضي إلى حمولة زائدة ومغرقة، وهنا وأمام هذا الامتحان هل يمكننا تصور عالم جديد يمكن المشاركة به بناء على المعارف المعاصرة ؟ ام على العالم المعاصر بمعارفه وإنجازاته ان ينحني لنا خوفا من الإرهاب أو خوفا من اتهامه بالعنصرية ؟

المفاوضات حول موضوع موانئ دبي في مكان.. والإعلام العربي حول هذا الموضوع في مكان آخر، وبالنتيجة سوف يكسب من يثبت انه معاصر قلبا وقالبا.