استبقت الولايات المتحدة الاميركية التقرير الذي سيقدمه القاضي البلجيكي سرج براميرتس الى مجلس الامن الدولي يوم 15 مارس الجاري بشأن التعاون السوري مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الاسبق وقررت فرض عقوبات على المصرف التجاري السوري بحجة ان هذا الاخير يقوم بتمويل مجموعات ارهابية في الشرق الاوسط

وذلك في اشارة واضحة الى المنظمات الفلسطينية وحزب الله. وكما هو واضح فان هذا القرار او الاجراء الاميركي يهدف الى التأثير على تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية باغتيال الحريري من جهة وعلى المداولات التي يجريها مجلس الامن حول موضوع التعاون السوري مع اللجنة من جهة اخرى وكأن واشنطن تريد الايحاء مسبقا بعدم وجود اي تعاون من قبل دمشق وبالتالي لا بد لمجلس الامن ان يتحرك بفرض عقوبات ما على سوريا.

ويبدو ان هذا السيناريو الاميركي سيواجه الاحباط والمأزق لان اعضاء مجلس الامن الدولي لم يتحولوا بعد الى مجرد موظفين في وزارة الخارجية الاميركية، فلا يزال هناك اعضاء امثال روسيا والصين يرفضون الرضوخ للضغوط والاملاءات الاميركية التي تسعى الى معاقبة الدول التي تلتزم بقرارات الشرعية الدولية في حين لا احد يقترب من اسرائيل التي تنتهك مبادئ القانون الدولي وشرعة الامم المتحدة كل يوم في الاراضي الفلسطينية المحتلة ومزارع شبعا بجنوب لبنان والجولان السوري المحتل. وتشكل الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها وزير الخارجية السوري وليد المعلم لموسكو والتي تأتي قبيل انعقاد مجلس الامن لمناقشة تقرير براميرتس والتداول في موضوع التعاون السوري مع لجنة التحقيق الدولية فرصة هامة امام كل من موسكو ودمشق للتفاهم على صيغة سياسية جديدة سيجرى التعامل من خلالها مع التقرير ومجلس الامن. وهناك تأكيدات ان الجانب الروسي تعمد بالحيلولة دون تمرير اية قرارات داخل مجلس الامن تفرض عقوبات على سوريا بل ان اقصى ما يمكن ان تذهب اليه موسكو هو الموافقة على بيان رئاسي قد يطالب سوريا بمزيد من التعاون مع اللجنة الدولية ذلك ان روسيا العائدة بقوة وزخم الى منطقة الشرق الاوسط تعتبر البوابة السورية هي المدخل الاساسي لهذا العبور وبالتالي فانه من الطبيعي جدا والمنطقي ان تسعى الى الحفاظ على سلامة بوابة العبور والتصدي لكل المحاولات التي تهدف الى اغلاقها.