استأثرت خطة ايهود أولمرت للإنسحاب من الضفة الغربية من طرف واحد باهتمام غالبية المعلقين في اسرائيل الذين شنوا عليها هجوماً كبيراً. من بين هذه التعليقات، اخترنا ما كتبه آرييه شافيط في "هآرتس" تحت عنوان "غطرسة اولمرت" ننقل أهم ما جاء فيه: "في ايلول 2000 شن الفلسطينيون هجوماً ارهابياً على اسرائيل. قاموا بذلك بعد رفضهم لمقترحات كمب دايفيد الذي ضمن لهم قطاع غزة كله ونحو 91 في المئة من اراضي الضفة الغربية في مقابل الاعتراف الكامل باسرائيل وانهاء النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. في حال جرى انتخاب ايهود اولمرت رئيساً للحكومة وقام بتنفيذ خطة "الانكفاء" في ايلول عام 2010 ستصبح السيادة الفلسطينية كاملة على قطاع غزة وعلى 91 في المئة من اراضي الضفة، وكل ذلك من دون ان يعترف الفلسطينيون باسرائيل او ينهوا النزاع.

وبذلك تكون الحركة الوطنية الفلسطينية قد حققت اهداف حروبها وانجزت حسماً استراتيجياً كاملا على دولة اسرائيل. وستكتب كتب التاريخ ان انسحاب اولمرت من دون شروط هو بمثابة خضوع غير مشروط للصهيونية. لا لن تكون هذه النهاية ولكن بداية النهاية. وهكذا مستنداً من جهة الى الاموال الضخمة والى الصحف الكبرى من جهة اخرى، سيقود اولمرت الدولة نحو بداية نهايتها.

للوهلة الاولى تبدو خطة اولمرت شديدة الجاذبية غير مخيفة وغير مرتبكة واسرائيلية جدا. فها نحن نحدد مصيرنا بأيدينا. وخلال ثلاثة اعوام سنخلي نحو 80 ألف مستوطن. وخلال أقل من خمس سنوات سننفصل نهائياً عن الفلسطينيين وسننكفىء على أنفسنا داخل حدودنا في دولة ضعيفة ونامية، نحوط وجودنا بجدران عالية تحمينا من الجنون الاسرائيلي ومن الخطر الفلسطيني. وخلال ولاية واحدة نعزل أنفسنا عن كل أمراض، وكل عجائب، الشرق الاوسط. هكذا ببساطة وبكل وضوح فكيف لم نفكر بهذا من قبل؟ ولماذا انتظرنا بوش الذي انقذ القدس ينقذ ايضا دولة اسرائيل.

ولكن للوهلة الثانية يتضح لنا ان خطة اولمرت فيها عيب وحيد صغير: لا تشتمل على الفلسطينيين. انها خطة تقوم على منطق تبسيطي ومتبجح. انها خطة للإسرائيليين وحدهم وتتجاهل انعكاساتها عليهم. انها خطة تدفع الى حد اللامعقول التوجه الاحادي المتطرف، وتتجاهل بصورة كاملة حقيقة أن النزاع ثنائي وان الواقع السياسي متعدد الاوجه... ما سيفعله أولمرت في الاعوام المقبلة هو اقامة دولة حماس المسلحة في يهودا وغزة وبواسطة الانسحاب شبه الكامل يضمن أولمرت لحماس السيطرة الكاملة تقريباً والدائمة على الدولة الفلسطينية. لأن فلسطين في نظر اولمرت هي دولة فقيرة مضطربة وعنيفة...