النهار

استقبلت موسكو، التي تسعى الى استعادة دورها في الشرق الاوسط، على أرفع مستوى أمس وزير الخارجية السوري وليد المعلم وتحدثت عن تقارب وجهات نظرها مع دمشق في معظم المسائل الاقليمية.

وفي اول رحلة له الى الخارج منذ تعيينه وزيرا للخارجية في شباط الماضي، اجرى المعلم، الذي وصل الاحد الى موسكو، محادثات مع الرئيس فلاديمير بوتين في الكرملين وسلمه رسالة من الرئيس السوري بشار الاسد، في مؤشر للاهمية التي توليها موسكو لدمشق، شريكتها المميزة في المنطقة.

ولم تتسرب اي معلومات عما دار في اللقاء.

لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان اكثر وضوحا في شأن اللقاء الاول للبلدين على هذا المستوى منذ زيارة الاسد لموسكو في كانون الثاني 2005 والقرار الذي تبناه مجلس الامن في نهاية تشرين الاول والذي يدعو دمشق الى التعاون في التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وقال لدى استقباله المعلم: "نحن مهتمون بمثل هذا التعاون لأنه يساعد على اعادة الوضع الطبيعي في سوريا، وفي المنطقة، وعلى تطوير العلاقات الروسية - السورية".

ورحبت موسكو بجهود دمشق في التحقيق، بينما أكد التقرير الذي رفعته لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري الى مجلس الامن أمس ان سوريا تتجاوب تقريبا مع كل طلبات المساعدة المقدمة من اللجنة.

وصرح وزير الخارجية الروسي: "لاحظنا تعاون الجانب السوري مع لجنة التحقيق... هذا التعاون سيستمر ونأمل في موقف كهذا".

ومنذ اغتيال الحريري، وضعت الاسرة الدولية سوريا تحت المجهر، وطالبتها بتعاون غير محدود مع لجنة التحقيق الدولية.

وبعد زيارة وفد حركة المقاومة الاسلامية "حماس" برئاسة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل لموسكو، أعلن لافروف ان دمشق وموسكو ستتعاونان في دفع "حماس" الى الاعتراف باسرائيل والتخلي عن الكفاح المسلح.

وبالنسبة الى الوضع في العراق، اشار المعلم الى تفاهم بين وزارتي الخارجية للبلدين، قائلاً ان مواقفهما "شبه متطابقة". اما لافروف، فقال ان موسكو تشعر "بقلق بالغ" من جو الحرب الاهلية في العراق، مضيفاً انه "ينظر بتقدير كبير الى الاجراءات التي اتخذتها سوريا لمنع مقاتلين من التسلل الى العراق".

وتتهم واشنطن سوريا باستمرار بانها تؤمن قاعدة خلفية للمتمردين العراقيين.

والتقى الوزير السوري ايضا المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة المكلف متابعة تطبيق القرار 1559 تيري رود-لارسن. وحرص المعلم على التشديد امام الصحافيين على ان اللقاء لم يكن مخططا له. وقال: "كنت مدعوا من الجانب الروسي وكان في موسكو وجاء ليلتقيني في مقر اقامتي". واضاف انه بحث معه في "مختلف وسائل" التحرك داخل الامم المتحدة.

وتأتي زيارة المعلم بينما تحاول روسيا استعادة مكانتها في الشرق الاوسط بعد سنوات لم تتمكن خلالها من التأثير في المنطقة لانشغالها بادارة الرحلة الانتقالية التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي، تاركة ذلك للغربيين.

وبين نقل "حماس" الى الساحة الدولية والجهود الديبلوماسية في الازمة النووية الايرانية او توقيع عقود قياسية لبيع الجزائر اسلحة، يبدو ان الكرملين يستعيد دوره الفعال في المنطقة.