بعد أن تم تأجيل الجلسة الأولى لمجلس النواب ( البرلمان العراقي الجديد) والتي كان مقررا لها أن تعقد يوم الأحد 12 آذار الى 19 أو 16 من شهر آذار الجاري أي الى ما بعد المهلة الدستورية التي كانت تقضي بانعقاد البرلمان في جلسته الأولى في الثاني عشر من الشهر الجاري على أقصى حد،فإننا نكون أمام اول خرق لمواد ونصوص الدستور العراقي الذي حاز على أغلبية أصوات العراقيين في الاستفتاء العام و يكون من المؤسف والمحزن لكل العراقيين وخصوصا لرجال القانون والقضاء من القضاة ونواب الادعاء العام وكل من له معرفة وإلمام ولو بسيط بالقانون أن يجد هذا الخرق الواضح وهذا التجاهل الكبير لأحكام ومواد الدستور الذي ( لم يجف الحبر الذي كتب به بعد ) في اول امتحان و تطبيق لأحكامه و مواده فيسكت أو يتجاهل الأمر وكأنه لا يعنيه.

إننا بمقالنا هذا والذي جعلنا عنوانه (كشف المستور في موضوع الدستور ) لا ندعي لأنفسنا أننا نكشف سرا أو نأتي بجديد حول هذا الدستور الذي خرج العراقيون بالملايين وصوتوا عليه بكلمة نعم أملا منهم بالغد القادم والالتزام الكامل من الجميع بأحكامه أو على الأقل من قبل الحركات والأحزاب والقوائم التي دعت الناس الى التصويت عليه وإنجاحه في عملية الاستفتاء لكن أن يأتي بعض من سياسيينا أو القائمة التي فازت بقسم كبير من أصوات الناخبين لتضرب به عرض الحائط من اجل أسباب وتبريرات خاصة بها وبأعضائها.

كيف لنا أن نطمئن على حاضرنا الذي تملأه الأزمات وتخنقه التشنجات الى الحد الذي وصلنا فيه الى طريق مسدود ؟ أو كما صرح السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان بقوله ( أن "المسؤولية الوطنية والأخلاقية تدعونا لان نكون أكثر صراحة مع أبناء العراق و مع أنفسنا وأن نحاول كسر هذا الطوق وفتح طرق جديدة من أجل الوصول الى الهدف المنشود وهو تشكيل حكومة تمثل الجميع والعمل سوية من أجل استتباب الأمن و تقديم الخدمات لأبناء العراق"... داعيا القادة السياسيين الى أن يتم اللقاء في أقرب فرصة في كردستان للخروج من الأزمة الحالية ).
كيف لنا أن نأمل خيرا بالمستقبل ونحن نجد هذه المراوحة الطويلة في نفس المكان وعدم التقدم ولو بخطوة واحدة نحو جعل الدستور يأخذ مكانه في حياتنا ويكون هو الحكم في كل ما يعترضنا من مشاكل واختلافات ؟

إن المشكلة أيها السادة ليست في تأخير الجلسة الأولى لمجلس النواب لأسبوع أو حتى يوم واحد وإنما المشكلة هي العقلية التي تحكمنا وطبيعة العناد ولوي الذراع الذي بدأت تمارسه العديد من الشخصيات والحركات السياسية في العراق وكأننا أمام استعراض للقوة والعضلات ولسنا في مرحلة بناء وطن وتشكيل حكومة ينتظر منها الناس الشئ الكثير ؟ فمجلس النواب والذي كان مفروضا أن يجتمع بعد 15 يوما من إعلان النتائج النهائية المصدقة للانتخابات والذي تم يوم 10 شباط أي أن موعده القانوني كان في 25 شباط أو في 12 آذار على أقصى حد ولما كان ذلك لم يتحقق فإننا نكون أمام اول خرق لأحكام الدستور ويكون واجبا علينا أن ننبه ونشير الى الجهة أو الأشخاص الذين خرقوا الدستور ونتوجه بطلب الى المحكمة الاتحادية ( الفيدرالية ) العليا من اجل النظر في طلبنا هذا وإصدار الحكم الذي من المفروض أن يكون ملزما للجميع.

إننا نؤمن بصعوبة تحقيق طلبنا المشار إليه أعلاه من الناحية العملية حيث الأزمات تتوالى على هذا البلد وحيث يعجز السياسيون بعد جولات وجولات من المفاوضات واللقاءات والمؤتمرات أمام عدسات الفضائيات ووسائل الإعلام والاتفاق على تواريخ ومواعيد لعقد الجلسات لكنها لا تلبث أن يتم تأجيلها ببيانات مكتوبة أو تصريحات مقتضبة تتلى خلف الكواليس !...فمع كل هذه الإشكاليات والاختلافات على موعد عقد الجلسة الأولى لمجلس النواب كيف يمكن بعد ذلك له أن يتفقوا على برامج ومشاريع وحكومة ووزارات وأجهزة تخلص البلد مما فيه ؟

علينا الاعتراف بأننا لم نستفد من الديمقراطية الغربية وآلياتها من الانتخابات والاستفتاء على الدستور والذي صرفنا عليه الملايين من الدولارات من اجل طبع وتوزيع الملايين من مسودته من قبل وكلاء توزيع البطاقة التموينية وتوزيعه قرب التقاطعات والشوارع وبالجملة الى الحد الذي تصور البعض أن العراقيين سيصبحون كلهم ( فقهاء قانون أو خبراء واختصاصيون بالقانون الدستوري ) نظرا للملايين من النسخ منه والمناقشات الكثيرة التي كانت تصور أن خلاصنا وسعادتنا هي التصويت بنعم على الدستور بعد إن ظل سياسيونا وكتابنا وخبراء القانون يصرحون ويتحدثون بكل حديث عن الدستور وفوائده وأهميته وضرورته وكونه البوابة الوحيدة التي يدخل بها العراقيون المستقبل القادم.
نتمنى من الجميع أن يعيدوا قراءة الدستور وان يطلعوا على مواده ويتذكروا تصريحات الساسة عن المواعيد النهائية أو التواريخ المقررة كأقصى حد عسى أن يستطيعوا ان يكتشفوا المستور من مواد الدستور رغم أن مواده وبنوده واضحة صريحة ولا تحتاج أبدا الى وجع الرأس هذا أو الى كل هذه السطور !!!