الدكتور ابراهيم حمامي

بطل التنديدات والشجب والاستنكار محمود عبّاس، والذي كان وما زال الأول في إدانة أية عملية فلسطينية ضد الاحتلال مهما كان نوعها وخلال دقائق معدودات، لم ينطق هذه المرة إلا بعد ساعات من بداية العملية الإجرامية للإحتلال ضد سجن أريحا المركزي والمعتقلين فيه، وبشكل خجول لرفع العتب، دون أن يكلف نفسه عناء قطع رحلته خارج البلاد والعودة لمتابعة ما يدور من أحداث خطيرة.

عبّاس أيضاً هو الذي خرج قبل اسبوع نافضاً يديه من مسؤولية حماية مواطن وقيادي فلسطيني مطالباً الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالتعهد الخطي بإعفائه من مسؤولية ما قد يحدث لأحمد سعدات ورفاقه في حال إطلاق سراحهم، مدعياً أنهم في سجن أريحا المركزي لحمايتهم والحفاظ على حياتهم، وهو ما ثبت كذبه وكذب مبررات اعتقال الفلسطيني بيد فلسطيني.

عبّاس الذي حمّل بريطانيا والولايات المتحدة مسؤولية ما يجري، جاءه الرد سريعاً بأنه كان على علم بنية انسحاب المراقبين من البلدين منذ يوم 08/03/2006، وهو وان كان لا يعفيهم من التواطؤ والتآمر، إلا انه أيضاً يثبت تواطؤ عبّاس وسلطته عندما أبقى على المعتقلين حيث هم.

عبّاس الذي دعا قوات الأمن الفلسطينية (..) وحراس السجن بأن لا يطلقوا النار وبأن يتوخوا الحذر والحيطة، تسبب بخروجهم بالشكل المهين والمخزي عراة بعد تسليمهم سلاحهم وفي ظل العلم الفلسطيني وبكل أسف.

عبّاس الذي طلب من دحلان متابعة ما يجري بحسب دحلان نفسه في لقاء مباشر على قناة الجزيرة، لم يكلف نفسه أو دحلان عناء الاتصال مع المعتقلين، او حتى إرسال أحد مسؤوليه من أبطال التنسيق والتفاوض إلى أريحا لمحاولة وقف العدوان والجريمة وحماية المعتقلين.

ليست مصادفة أن يخرج عبّاس بتصريحاته يوم الثلاثاء 7-3-2006 أمام جمع من النساء الفلسطينيات في رام الله خلال احتفال في المدينة بيوم المرأة العالمي حول الضمانات من الجبهة الشعبية، وليست مصادفة أن يختار التوقيت بعد الإعلان عن نية حماس إغلاق ملف الاعتقال اليساسي، وليست صدفة أن يكون خارج البلاد في هذا الوقت (تماماً كما خرج غيره يوم قُتل موسى عرفات)، وليست صدفة أن تتأخر ردة فعله عما يجري، وليست صدفة أن يحمّل بريطانيا وأمريكا المسؤولية دون الاحتلال.

من يفشل في حماية أبناء شعبه، ومن يرفض إصدار الأوامر لمواجهة العدوان، ومن يرفض قطع رحلته للعودة ومتابعة أمر خطير كهذا، ومن يتواطؤ بشكل غير مباشر عبر اخفاء الرسائل والاتصالات، ومن لا يتصرف بصفته المسؤولة كرئيس للسلطة، ومن يبرر الاعتقال السياسي وبحجج ثبت كذبها، ومن يفشل في كل طروحاته وأفكاره، من يفعل كل ذلك عليه وفي أقل تقدير أن يستقيل ولا شيء أقل من الاستقالة، ومن بعدها محاسبته وكل من تورط في جريمة الاعتقال السياسي أمام محاكم الشعب الفلسطيني.