أنت مواطن سوري غير متزوج تعيش في مدينة سورية تملك أو تستأجر منزلاً ولديك عمل ولكنك لا تملك سيارة .. فهل تمر بهذه التفاصيل:
أن تضبط منبهك ليوقظك صباحاً لكنه يخذلك كلّ مرة ويسبقه إليك صوت جارتك التي تنادي جارتها إلى صبحيّة الحي ناسيةً أنّ هناك اختراع يدعى "الهاتف" .
أن تستيقظ صباحاً وتفتح شباك غرفة نومك لتبديل هوائها المستهلك بهواء مدينتك ذو الرائحة واللون الغريبين .
أن تشرب قهوتك محاولاً أن تصغي إلى زقزقة عصافير المدينة التي بدّلت أغصان الأشجار بأسلاك الأعمدة الكهربائية لعدم وجود الأشجار أصلاً رافعةً صوتها علّها تتغلب على هدير صباح المدينة .
أن تجلس في " سيرفيس " أو " سيارة أجرة " لتستمع مرغماً لأحدث ألبومات الطرب الشعبي وسط آهات الإعجاب من سائق المركبة المعجب بمسجلته " الوكالة " .

أن تمر قرب شارة مرور كغيرك من عباد الله ليومض فجأة ضوئها الذهبي وتنهال معه على أسماعك جميع أنواع الأبواق المصنعة محلياً وعربياً وعالمياً بسبب اكتشاف أصحابها فجأة أن الوقت من ذهب .
أن تقف على ممر للمشاة منتظراً رحمة سائق " ابن حلال " ليسمح لك بالمرور ، وبجانبك شرطي مرور يتلقى التحية من سائق آخر " معرفة " .
أن تقف على نفس الممر متأملاً حذائك الملمع وبنطالك الأنيق وقد أنستك الفتاة الواقفة إلى جانبك بركة الماء القريبة ، ليمر سائق آخر ويذكّرك بوجودها .
أن تدخل إلى دائرتك الحكومة أو إلى الشركة الخاصة التي تعمل بها أو أن تفتح متجرك أو مكتبك، وتبدأ بتغيير لونك حسب الأشخاص الذين ستلتقي بهم خلال عملك من زملاء ومدراء ومراجعين .
أن تغادر عملك متجهاً إلى دائرة حكومية ما وأن يصادف مرورك قرب مقهى وسط المدينة لتلاحظ احتلال الشباب معظم مقاعده وأوراق لعبه وطاولات زهره .

أن تدخل الدائرة الحكومية الـ"ما" وتجد الموظف على طاولته يبتسم لتشريفك ويتناول طلبك ويوقعه محافظاً على ابتسامته وتمد يدك "الفارغة" لتأخذ الورقة مستغرباً تحول الابتسامة الصفراء إلى نظرة استهزاء .
أن يكون طريق عودتك قرب مدرسة ابتدائية واقعة على شارع رئيسي وقت انصراف طلابها وقطعهم الشارع المليء بالسيارات المسرعة ، لتعترف مدهوشاً بالعناية الإلهية التي توصلهم إلى منازلهم سالمين .
أن تصل إلى منزلك بسلام وتتناول غدائك وتقرر النوم ساعة القيلولة ، ليمنعك هدير دراجة نارية مصحوباً بنعيق مكبر صوتٍ لبائع جوال .
أن ترتدي ملابسك على عجل وتذهب إلى عملك الإضافي أو إلى متجرك أو مكتبك متجاوزاً نفس المراحل التي مررت بها صباحاً .
أن تعود إلى منزلك وتتناول عشاءك وتقرر الاسترخاء وتفتح التلفاز ليطلع من نصيبك برنامج "مرايا" أو "بقعة ضوء"، تتابع الحلقة مستغرباً بث المحطات الفضائية تفاصيل حياتك اليومية .